الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          سجع على قوله تعالى :

          من يعمل سوءا يجز به

          يا معرضا عن الهدى لا يسعى في طلبه ، يا مشغولا بلهوه مفتونا بلعبه ، يا من قد صاح به الموت عند أخذ صاحبه من يعمل سوءا يجز به .

          جز على قبر الصديق ، وتلمح آثار الرفيق ، يخبرك عن حسنه الأنيق ، إنه استلب بكف التمزيق ، هذا لحده وأنت غدا به من يعمل سوءا يجز به .

          كم نهي عن الخطايا وما انتهى ، وكم زجرته الدنيا وهو يسعى لها ، هذا ركنه القويم قد وهى ، وها أنت في سلبه من يعمل سوءا يجز به .

          أين من عتا وظلم ، ولقي الناس منه الألم ، اقتطعه الردى اقتطاع الجلم ، فما نفعه ما جمعه ، ولا والله ولم يدفع عنه عز منصبه من يعمل سوءا يجز به .

          بات في لحده أسيرا ، ولا يملك من الدنيا نقيرا ، بل عاد بوزر ذنبه عقيرا ، وأصبح من ماله فقيرا على عز نسبه وكثرة نشبه من يعمل سوءا يجز به .

          [ ص: 126 ] اللذات تفنى عن قليل ، وتمر ، وآخر الهوى الحلو مر ، وليس في الدنيا شيء يسر إلا يغر ويضر ، ثم يخلو ذو الزلل بمكتسبه من يعمل سوءا يجز به .

          الكتاب يحوي حتى النظرة ، والحساب يأتي على الذرة ، وخاتمة كأس اللذات مرة ، والأمر جلي للفهوم ما يشتبه من يعمل سوءا يجز به .

          تقوم في حشرك ذليلا ، وتبكي على الذنوب طويلا ، وتحمل على ظهرك وزرا ثقيلا ، والويل للعاصي من قبيح منقلبه من يعمل سوءا يجز به .

          يجمع الناس كلهم في صعيد ، وينقسمون إلى شقي وسعيد ، فقوم قد حل بهم الوعيد ، وقوم قيامتهم نزهة وعيد ، وكل عامل يغترف من مشربه من يعمل سوءا يجز به .

          إنما يقع الجزاء على أعمالك ، وإنما تلقى غدا غب أفعالك وقد قصدنا إصلاح حالك فإن كنت متيقظا فاعمل لذلك وإن كنت نائما فانتبه من يعمل سوءا يجز به .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية