الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          سجع على قوله تعالى : لينذر يوم التلاق

          يوم تذل فيه الأعناق لهيبة الخلاق ، ويخسر أهل الشقاق بالرياء والنفاق ، وتشهد الصحف والأوراق بالأعمال والأخلاق ، وتسيل دموع الآماق من الأحداق على تفريط الأباق ، ويضيق على العصاة الخناق إذا عز الإعتاق ، وتبرز الجحيم فيها الحميم والغساق معد للفجار والفساق ، لفحتهم فأحالت جمالهم وما لهم من الله من واق ، واطلعت على [ ص: 267 ] الأفئدة وبواطن الأعماق يحلون بها ولا يحل لهم وثاق ، حرها شديد ويزيد بإطباق الأطباق ، وا أسفا كم يهددون وكم كم إحداق ، هذا وأهل الجنة قد نالوا الرضا بالوفاق ، فازوا وحازوا مراتب السباق ، فهم في ضياء نور كامل وإشراق ، ونعيم لا يحاط بوصفه مديد الرواق ، وكؤوس مملوءة فيا حسن الدهاق ، كانوا يشتاقون إلى المحبوب وهو إليهم بالأشواق ، حدا لهم حادي العزم فجدت النياق ، وقد أعلمنا بما يجري على الفريقين يوم الافتراق على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق .

          يوم هم بارزون أي ظاهرون من قبورهم لا يخفى على الله منهم شيء فيه ثلاثة أقوال : أحدها : لا يخفى عليه من أعمالهم شيء ، قاله ابن عباس ، والمراد التهديد بالجزاء وإن كان لا يخفى عليه اليوم شيء ، والثاني : لا يستترون منه بجبل ولا مدر ، قاله قتادة ، والثالث : أن المعنى : أبرزهم جميعا ، حكاه الماوردي .

          قوله تعالى : لمن الملك اليوم اتفقوا على أن هذا الكلام يقوله الله تعالى بعد فناء الخلق ، واختلفوا في وقت قوله على قولين : أحدهما : أنه يقوله عند فناء الخلائق إذا لم يبق مجيب ، فيرد هو على نفسه فيقول : الله الواحد القهار ، قاله الأكثرون ، والثاني : أنه يقوله في القيامة .

          وفيمن يجيبه قولان : أحدهما : أنه يجيب نفسه ، وقد سكتت الخلائق لقوله ، قاله عطاء ، والثاني : أن الخلائق يجيبونه فيقولون : لله الواحد القهار ، قاله ابن جريج .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية