الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          وفي مدة لبثه في البلاء أربعة أقوال : أحدها : ثماني عشرة سنة ، رواه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والثاني : سبع سنين ، قاله ابن عباس وكعب ، والثالث : سبع سنين وأشهر ، قاله الحسن ، والرابع : ثلاث سنين ، قاله وهب .

          وفي سبب سؤاله العافية ستة أقوال : أحدها أنه اشتهى أدما فلم تصبه امرأته حتى باعت قرنا من شعرها ، فلما علم بذلك قال : مسني الضر رواه الضحاك عن ابن عباس ، والثاني : أن الله تعالى أنساه الدعاء مع كثرة ذكره الله تعالى ، فلما انتهى زمان البلاء ألهمه الله تعالى الدعاء ، رواه العوفي عن ابن عباس ، والثالث : أن نفرا من بني إسرائيل مروا به فقال بعضهم : ما أصابه هذا إلا بذنب عظيم ، فعندها دعا ، قاله نوف البكالي ، وقال عبد الله بن عبيد بن عمر : كان له أخوان فأتياه يوما فوجدا ريحا فقالا : لو كان الله علم منه خيرا ما بلغ به هذا ، فما سمع شيئا أشد عليه من ذلك ، فقال : اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة شبعان وأنا أعلم مكان جائع فصدقني ، فصدق وهما يسمعان ، ثم قال : اللهم إن كنت تعلم أني لم ألبس قميصا وأنا أعلم مكان عار فصدقني ، فصدق ، وهما يسمعان ، فخر ساجدا ثم قال : اللهم لا أرفع رأسي حتى تكشف ما بي ، فكشف ما به ، والرابع : أن إبليس جاء إلى زوجته بسخلة فقال : ليذبح أيوب هذه لي وقد برأ ، فجاءت فأخبرته فقال : إن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة ، أمرتني أن أذبح لغير الله ، ثم طردها عنه فذهبت فلما رأى أنه لا طعام ولا شراب ولا صديق خر ساجدا وقال : مسني الضر قاله الحسن ، والخامس : أن الله أوحى إليه في عنفوان شبابه : إني [ ص: 164 ] مبتليك ، فقال : يا رب ، وأين يكون قلبي ، قال : عندي فصب عليه من البلاء حتى إذا بلغ البلاء منتهاه أوحى الله : إني معافيك قال : يا رب وأين يكون قلبي ، قال : عندك : قال : مسني الضر قاله إبراهيم بن شيبان ، والسادس : أن الوحي انقطع عنه أربعين يوما ، فخاف هجران ربه فقال : مسني الضر ذكره الماوردي .

          ومعنى : نادى ربه دعا وإنما أضاف الأمر إلى الشيطان لأن الشيطان سلط عليه .

          قوله تعالى : بنصب قرأ الحسن : " بنصب " بفتح النون والصاد ، قال الفراء : هما كالرشد والرشد ، وقال أبو عبيدة : النصب بتسكين الصاد : الشر ، وبتحريكها الإعياء ، والمراد : بالعذاب الأليم .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية