الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الكلام على قوله تعالى :

          قد أفلح المؤمنون

          أخبرنا ابن الحصين ، أنبأنا ابن المذهب ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرني يونس بن سليم ، قال أملى علي يونس بن يزيد الأبلي عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القادر ، قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ، ثم قرأ علينا قد أفلح المؤمنون حتى ختم العشر .

          أخبرنا أحمد بن عبد الباقي ، أنبأنا أحمد بن أحمد ، أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، أخبرنا محمد بن علي بن مسلم ، حدثنا عثمان بن عمر الضبي ، أخبرنا أبو عمر الضرير ، أخبرنا عدي بن الفضل ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله تعالى بنى جنات عدن بيده وبناها لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصاها اللؤلؤ ثم قال : تكلمي ، فقالت : قد أفلح المؤمنون .

          [ ص: 307 ] وقال ابن قتيبة : أصل الفلاح : البقاء فالمفلحون الفائزون ببقاء الأبد ، وقرأ أبي بن كعب وعكرمة بضم الألف والمعنى أصيروا إلى الفلاح .

          لقد ربح القوم وأنت نائم ، وخبت ورجعوا بالغنائم ، أنت بالليل راقد وبالنهار هائم ، وغاية ما تشتهي مشاركة البهائم ، نظروا في عواقب الأمور فقبروا أنفسهم قبل القبور ، وخرجوا من ظلام الشبهة إلى أجلى نور ، فما استفزهم فان ولا أذلهم غرور ، عرضوا على النفوس ذكر العرض فاعترضها القلق ، وصوروا إحراق الصور فأحرقهم الفرق ، وتفكروا في نشر الصحائف فأزعجهم الأرق ، وتذكروا محمدة المخاوف فسالت الحدق ، أطار خوف النار نومهم ، وأطال ذكر العطش الأكبر صومهم ، وهون فكرهم في العتاب نصبهم ، ونصبهم على الأقدام ذكر القيام وأنصبهم ، أما الأجساد فالخوف قد أنحلها ، وأما العقول فالحذر قد أذهلها ، وأما القلوب فالفكر قد شغلها ، وأما الدموع فالإشفاق قد أرسلها ، وأما الأكف فقد كفت عما ليس لها ، وأما الأعمال فقد والله قبلها ، حوانيتهم الخلوات وبضائعهم الصلوات ، وأرباحهم الجنات ، وأزواجهم الحسنات .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية