الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الكلام على قوله تعالى :

          والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم

          قد ذكرنا أن هذا نزل في حق عائشة حين قذفت . وكبره بمعنى معظمه .
          وقد قرأ ابن عباس كبره بضم الكاف وهما لغتان . والذي تولى كبره ذلك ابن أبي .

          أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا أبو علي التميمي ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله عز وجل مما قالوا ، كلهم حدثني بطائفة من حديثها وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا ، وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني ، وبعض حديثهم يصدق بعضا .

          ذكروا : أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزاة فخرج فيها سهمي ، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بعدما أنزل [ ص: 376 ] الحجاب ، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه ، فسرنا ، حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه فقفل ودنونا من المدينة أذن ليلة بالرحيل فقمت حين أذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش . فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحيل فلمست صدري فإذا عقد من جزع أظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمست عقدي ، فحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه . قالت : وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم ، إنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه ، كنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا .

          ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب ، فيممت منزلي الذي كنت فيه فظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني ، وقد كان يراني قبل أن يضرب علي الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي ، والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ، حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في حر الظهيرة ، فهلك من هلك في شأني ، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول .

          فقدمت المدينة فاشتكيت حين قدمتها شهرا ، والناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول : كيف تيكم ؟ فذاك يريبني ولا أشعر بالشر ، حتى خرجت بعدما نقهت وخرجت مع أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه ، وكنا نتأذى بأكنفات أن نتخذها عند بيوتنا ، فانطلقت أنا وأم مسطح وهي بنت أبي رهم بن عبد المطلب ، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة ، فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح . فقلت لها : بئس ما قلت ! تسبين رجلا قد شهد بدرا ؟ قالت : أي هنتاه أولم تسمعي ما قال ؟ قلت : وماذا قال ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرض . فلما رجعت إلى بيتي فدخل علي [ ص: 377 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف تيكم ؟ قلت : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قالت : وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما . فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجئت أبوي فقلت لأمي : يا أمتاه ما يتحدث الناس ؟ فقالت : أي بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها . قلت سبحان الله أوقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرفأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي .

          ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله ، قالت : فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود فقال : يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا . وأما علي بن أبي طالب فقال : لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك . قالت : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال : أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة ؟ قالت له بريرة : والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله .

          فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي فقال وهو على المنبر : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ! فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي .

          فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله ، إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك . قالت : فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج ، وكان رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية ؛ فقال لسعد بن معاذ : لعمرك لا تقتله ولا تقدر على قتله ، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل . فقام أسيد بن حضير ، وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمرو الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين . فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت .

          قالت : وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي .

          قالت : فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي ، فبينا نحن على ذلك إذ دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس . قالت : ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء ، قالت : فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال : أما بعد يا عائشة فإنه بلغني [ ص: 378 ] عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله عز وجل ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه . قالت : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن : إني والله قد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به ، ولئن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر والله عز وجل يعلم أني بريئة تصدقوني ، فإني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف : فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون . قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي .

          قالت : وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة ، وأن الله عز وجل مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل في بأمر يتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله عز وجل بها .

          قالت : فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله عز وجل على نبيه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي أنزل عليه . قالت : فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، قالت : فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : أبشري يا عائشة ، أما الله عز وجل فقد برأك . فقالت لي أمي : قومي إليه . فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل الذي أنزل براءتي .

          فأنزل الله عز وجل : إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم العشر الآيات ، فأنزل الله هذه الآيات في براءتي . قالت : فقال أبو بكر : وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره ، والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة . فأنزل الله تعالى : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة إلى قوله ألا تحبون أن يغفر الله لكم . فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي . فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : لا أنزعها منه أبدا .

          قالت عائشة : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن [ ص: 379 ] أمري ما علمت وما رأيت وما بلغك ؟ قالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا . قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فعصمها الله بالورع ، وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها فهلكت فيمن هلك .


          هذا حديث متفق على صحته .

          ونحن نسأل الله تعالى أن يعصمنا من اعتقاد من لا يسمى فإنهم تعتريهم عند ذكر عائشة حمى .

          أخبرنا ابن الحصين ، أنبأنا ابن المذهب ، حدثنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، حدثنا عبد الله بن خثيم ، حدثني عبد الله بن أبي مليكة ، أنه حدثه ذكوان حاجب عائشة أنه جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة فجئت وعند رأسها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن فقلت : هذا ابن عباس يستأذن . فأكب عليها ابن أخيها فقال : هذا عبد الله بن عباس ، وهي تموت فقالت : دعني من ابن عباس . فقال : يا أماه إن ابن عباس من صالحي بنيك يسلم عليك ويودعك . فقالت : ائذن له إن شئت . فأدخلته فلما جلس قال : أبشري ، ما بينك وبين أن تلقي محمدا صلى الله عليه وسلم والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد ، كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيبا وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يصبح في المنزل وأصبح الناس ليس معهم ماء فأنزل الله تعالى أن يتيمموا صعيدا طيبا ، وكان ذلك في سببك ، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات جاء بها الروح الأمين فأصبح ليس مسجد من مساجد الله يذكر فيه الله تعالى إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار . فقالت : دعني منك يا ابن عباس ، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيا منسيا .

          إخواني : فضائل عائشة كثيرة بعضها يكفيها ، وبحسبها أن الله أنزل آيات تتلى فيها .

          أخبرنا ابن الحصين ، أنبأنا ابن المذهب ، حدثنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يده على معرفة فرس وهو يكلم رجلا . قلت : رأيتك واضعا يديك على معرفة فرس دحية الكلبي وأنت تكلمه . قال : ورأيت ؟ قلت : نعم . قال : ذاك جبريل وهو يقرئك السلام . قالت : وعليه السلام .

          [ ص: 380 ] انظروا إخواني : كيف لم يواجهها بالسلام لأجل زوجها ، فمن هذه حالتها مع جبريل كيف يجوز عليها الزور والأباطيل ؟ أما أهل السنة فقلوبهم بالفرح عند ذكر عائشة طائشة ، وأما الرافضة فتأخذهم حمى نافضة .

          أخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي ، قال أنشدني عاصم بن الحسين لنفسه :


          وحق من بعلها النبي ومن والدها المرتضى أبو بكر     لا حلت عن مدحتي لها أبدا
          حتى أوارى في ظلمة القبر     قد تيقنت أن والدها
          يشفع في صبيحة الحشر     طاهرة تنتمي إلى نسب
          شرفه الله منه بالفخر     لما رموها لا در درهم
          بالزور والإفك عصبة الشر     برأها الله من مقالتهم
          بغير شك في محكم الذكر     فما لها مشبه يساجلها
          وحق طه وليلة القدر     وكم لها من فضيلة نطقت
          بها وذكر يبقى على الدهر     قالت توفي النبي خالفة
          ما بين سحري وملتقى نحري     فلا رعى الله من تنقصها
          فما له في المعاد من عذر     وأي عذر لمبدع رجس
          مذهبه شتم زوجة الطهر



          سجع :

          هي اختيار العظيم العلي للنبي ، ومذ طفولتها تعرف بالعز الأبي ، ولها عقل الكبار في سن الصبي ، وهل يضرها قول الجهول الغبي ، أو يقدح في ريح المسك الذكي إلا بهيم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم .

          ما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بكرا سواها ، ولا أحب زوجة كحبه إياها ، جاء بها الملك في سرقة فجلاها ، وتكلم الله ببراءتها سبحان من أعطاها ، وما يرمي الأصحاء بالسقم إلا سقيم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم .

          واعجبا لمبغضيها من هم ، إن فهمت قولي قلت إن هم ، ضرهم والله ما صدر عنهم ، خفت والله عقولهم والآفة تهيم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم .

          ما خفي على حسادها طهارة ذيلها ، غير أن الطباع الردية في ميلها ، هجمت عليها الأحزان برجلها وخيلها ، فكانت طول نهارها وليلها تبكي بكاء اليتيم .

          مدوا أبواعهم إلى عرضها فما نالوا ، وأكثروا القول ظاهرا وباطنا واحتالوا ، ونوعوا أسباب القذف وتكلموا وأطالوا ، وهي على طهارتها مما قالوا في مقعد مقيم .

          [ ص: 381 ] تكلموا فيها بترهات ، وراموا ذم السماء وهيهات ، يا عائبها إن عرفت عيبا فهات ، كفانا الله شر عقوق الأمهات فإنه قبيح ذميم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم .

          ما كان سوى غيم ثم تجلى ، وانصرف الحزن وتولى بالفرح الذي تولى ، ولبس الممدوح أحسن الحلى وتحلى ، وحمل القاذف إثما وكلا ، أيقدح العقلاء في أمهاتهم ، القاذفون كلا هي منهم عقيم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم .

          حوشيت من ريب أو فجور ، إنما زيدت بما جرى في الأجور ، تنزهت أم العدول أن تجوز ، إنما وقعت في أغباش ليل ظلام ديجور ، ثم بان النور في سورة النور ، فنزل في الكلام القديم : والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم .

          [ ص: 382 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية