الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          سجع على قوله تعالى :

          فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم

          لو رأيت العصاة والكرب يغشاهم ، والندم قد أحاط بهم وكفاهم ، والأسف على ما فاتهم قد أضناهم ، يتمنون العافية وهيهات مناهم ، فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم

          نزل بهم المرض فألقاهم كالحرض فانفك أملهم وانقبض ، وانعكس عليهم الغرض ، ورحمهم في صرعتهم من عاداهم فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم .

          يتمنون عند الموت راحة ، ويشتهون من الكرب استراحة ، ويناقشون على الخطايا ولا سماحة ، فهم كطائر قصر الصائد جناحه ، في حبس النزع والكرب يغشاهم فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم .

          ويتأسفون وأسفهم أشد ما في العلة ، ويتحسرون وتحسرهم على ما مضى من زلة ، وجبل ندمهم قد شق كأنه ظلة ، فلو رأيتهم بعد الكبر قد صاروا أذلة ، وتملك أموالهم بعدهم سواهم فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم .

          ما نفعهم ما تعبوا لتحصيله وجالوا ، ولا رد عنهم ما جمعوا واحتالوا ، جاء المرض فأذلهم بعد أن صالوا ، فإذا قال العائد لأهليهم : كيف باتوا ؟ قالوا : إن السقم قد وهاهم وها هم فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم .

          نزلوا بطون الفلا فلا يقبل عذرهم ، ولا ذو ود ينفعهم ، قد أضناهم بلاء البلى ، فلو رأيتهم في بلاهم وهم في بلاهم فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم .

          [ ص: 150 ] فالبدار البدار قبل الفوات ، والحذار الحذار من يوم الغفلات ، قبل أن يقول المذنب رب ارجعون فيقال فات ، ويح الغافلين عن عقباهم ما أعماهم فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم .

          نبهنا الله وإياكم من هذه الرقدة وذكرنا وإياكم الموت وما بعده إنه قريب مجيب .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية