الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          سجع على قوله تعالى :

          فاعتبروا يا أولي الأبصار


          كم من ظالم تعدى وجار ، فما راعى الأهل ولا الجار ، بينا هو يعقد عقد الإصرار حل به الموت فحل من حلته الأزرار فاعتبروا يا أولي الأبصار .

          ما صحبه سوى الكفن إلى بيت البلى والعفن ، لو رأيته وقد حلت به المحن ، وشين ذلك الوجه الحسن ، فلا تسأل كيف صار فاعتبروا يا أولي الأبصار .

          سال في اللحد صديده ، وبلي في القبر جديده ، وهجره نسيبه ووديده ، وتفرق حشمه وعبيده والأنصار فاعتبروا يا أولي الأبصار .

          أين مجالسة العالية ، أين عيشته الصافية ، أين لذاته الحالية ، كم كم تسفي على قبره سافية ، ذهبت العين وأخفيت الآثار فاعتبروا يا أولي الأبصار .

          تقطعت به جميع الأسباب ، وهجره القرناء والأتراب ، وصار فراشه الجندل والتراب ، وربما فتح له في اللحد باب النار فاعتبروا يا أولي الأبصار .

          خلا والله بما كان صنع ، واحتوشه الندم وما نفع ، وتمنى الخلاص وهيهات قد وقع ، وخلاه الخليل المصافي وانقطع ، واشتغل الأهل بما كان جمع ، وتملك الضد المال والدار فاعتبروا يا أولي الأبصار .

          نادم بلا شك ولا خفا ، باك على ما زل وهفا ، يود أن صافي اللذات ما صفا ، وعلم أنه كان يبني على شفا جرف هار فاعتبروا يا أولي الأبصار .

          قارنه عمله من ساعة الحين ، فهو يتمنى الفرار وهيهات أين ، ويقول يا ليت بيني [ ص: 228 ] وبينك بعد المشرقين ، فهو على فراش الوحدة وحده والعمل ثاني اثنين ، ولكن لا في الغار فاعتبروا يا أولي الأبصار .

          وهذه إن كانت حالة من غدا ، فلكل منكم مثلها غدا ، فانتبهوا من رقادكم قبل الردى أيحسب الإنسان أن يترك سدى إنما هي جنة أو نار فاعتبروا يا أولي الأبصار والحمد لله وحده .

          [ ص: 229 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية