الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الكلام على البسملة

          أيا والي المصر لا تظلمن فكم جاء مثلك ثم انصرف     وقد أبر النخل ملاكه
          فنقص عزهم واحترف     فلا ترسلن حبال المنى
          وأمسك بكفك منها طرف     تقارف مستكثرات الذنوب
          وتغفل عن ذنبك المقترف

          أين من جمع الأموال وتمولها ، وطاف البلاد وجولها ، وشق أنهار الأرض وجدولها ، رأت والله كل عاملة عملها ، ونزلت بعد سفرها منزلها ، عنت الوجوه على جسور المنايا الحوابس ، وأذل قبر الموت الشوامس ، وصير الفصحاء في مقام الهوامس ، يا لليالي المرض إنها ليال دوامس ، يا لساعة اللحد حين تحثو الروامس ، كم لقيت وجوه نواعم من أكف طوامس ، كم ترحلت من دار السلامة إلى عسكر البلى فوارس .


          ستقفر الأمصار من أهلها     بحادثات تعمر السبسبا
          يؤشب الحافظ أقفاله     وتفتح الآفات ما أشبا

          لقد هلكت في الزمان جديسه وطسمه ، ولقد ذهب من كان وكان اسمه ، فلا عينه ترى ولا رسمه ، ولا جوهره يحس ولا جسمه ، تبدد والله بالممات نظمه ، ولحق بالرفات عظمه ، كم طوفوا بالبلاد وجولوا ، كم أوعدوا أعداءهم وهولوا ، كم جمعوا وكم تخولوا ، كم اقتنوا وكم تمولوا ، كم طالوا وما تطولوا ، والمحنة أنهم على الأمل عولوا ، فما كان إلا القليل وتغولوا ، وجملة الأمر أنهم تحولوا ، واستطالت على الورى عصب ما تطولوا ، ظهروا في البلاد عصرا وطافوا وجولوا ، خولوا نعمة فلم يشكروا ما تخولوا ، فانظر الآن فيهم أي غول تغولوا ، وأقاموا فما قيل فازوا ولكن تحولوا ، كم ملؤوا سهلا وجبلا شاء وإبلا ، فلما سلكوا إلى الموت سبلا ، وعاينوه يوم الرحيل قبلا ، وتهيؤوا للنزول في دار البلى علموا أن ما كانوا فيه عين البلا .

          [ ص: 214 ]

          أطاعوا ذا الخداع وصدقوه     وكم نصح النصيح فكذبوه
          ولم يرضوا بما سكنوا مشيد     إلى أن فضضوه وذهبوه
          أظلوا بالقبيح فتابعوه     ولو أمروا به لتجنبوه
          نهاهم عن طلاب المال زهد     فنادى الحرص ويلكم اطلبوه
          فألقاها إلى أسماع غثر     إذا عرفوا الطريق تنكبوه
          وحبل العيس منتكث ضعيف     ونعم الرأي أن لا يجذبوه
          حسبتم يا بني حوا شقاء     نجاؤكم الذي لم تحسبوه
          أدين الشر منكم فاحذروه     ومات الخير فيكم فاندبوه

          كان الحسن يقول : أسمع أصواتا ولا أرى أنيسا ، إنما دين أحدهم لعقة على لسانه ، ولو سألته : أتعرف يوم الحساب ؟ قال : نعم . وكذب ومالك يوم الدين .

          يا من كتابه يحوي حتى حبة خردلة ، وعليه شاهدان كلامهما معدل ، وسيلتحف التراب ويتوسد الجندل ، وهو يمشي معجبا بنفسه مشية الشمردل .


          لعمرك ما الدنيا بدار إقامة     ولا الحي في دار السلامة آمن
          تحاربنا أيامنا ولنا رضى     بذلك لو أن المنايا تهادن
          أرى الحيرة البيضاء عادت قصورها     خلاء ولم تثبت لكسرى المدائن
          ركبنا من الآمال في الدهر لجة     فما صبرت للموج تلك السفائن
          تجيء الرزايا بالمنايا كأنما     نفوس البرايا للحمام رهائن

          التالي السابق


          الخدمات العلمية