الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          سجع على قوله تعالى : الذين هم في صلاتهم خاشعون

          سبحان من قومهم وأصلحهم ، وعاملوه باليسير فأربحهم ، واعتذروا من التقصير فسامحهم ، وقد أثنى عليهم ومدحهم ، أفتعون الذين هم في صلاتهم خاشعون .

          اغتنم القوم الأيام ، واجتنبوا الخطايا والآثام ، وصمتوا عن رديء الكلام ، وصموا عن استماع الحرام ، فكأنهم ما يسمعون الذين هم في صلاتهم خاشعون .

          كفوا الأكف عن الفساد ، وهجرت الرؤوس الوساد ، وحضر القلب للمناجاة وانقاد ، وأنتم في سكر الرقاد وهم يركعون ويسجدون الذين هم في صلاتهم خاشعون .

          [ ص: 310 ] ما أوفى تلك الأحوال ، ما أصفى تلك الخصال ، وما أزكى تلك الأعمال ، جمعوا الهموم فأما الأموال فلا يجمعون الذين هم في صلاتهم خاشعون .

          نقوا بالرياضة وهذبوا ، وابتلوا بفراق المحبوب وجربوا ، وأديروا في فنون التكليف وقلبوا ، فإذا بعدتم يوم الحضور وقربوا فماذا تصنعون الذين هم في صلاتهم خاشعون .

          ما ضر النفوس ما نكا فيها حين نكافيها ، نعفو عنها يوم اللقاء ونعافيها ، وندخلها جنة يروق فيها صافيها ولهم فيها ما يدعون الذين هم في صلاتهم خاشعون .

          نزلوا والله المقام الأمين ، وكتبوا في أصحاب اليمين ، ونالوا كل مثمن ثمين ، وأسكنوا القصور وأعطوا الحور العين ، كلها أبكار ليس فيها عون ، قد عوضوا عن حريق القلق الرحيق ، وأبدلوا عن بريق السيوف الأباريق ، وقوبلت رياضتهم بالروض الأنيق ، فهم يرتعون فيما يربعون الذين هم في صلاتهم خاشعون .

          إخواني : توانيتم وسير القوم حثيث ، وصفت أعمالهم وفعلكم كدر خبيث ، ونصحناكم ولكن قد ضاع الحديث ، وما أراكم تسمعون الذين هم في صلاتهم خاشعون .

          يا ربنا وفقنا لما وفقت القوم ، وأيقظنا يا مولانا من سنة الغفلة والنوم ، وارزقنا الاستعداد لذلك اليوم الذي يربح فيه العاملون الذين هم في صلاتهم خاشعون وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية