الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر ما يكون رجوعا في الوصية، ولا يكون

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا أوصى لرجل بطعام فأكله، أو جارية فباعها، أو بشيء ما كان ذلك الشيء ثم [ ص: 159 ] أتلفه، أن ذلك رجوع. وكذلك لو وهبه أو تصدق به قبل وفاته بأي وجه من ذلك كان فهو رجوع. وكذلك إذا أوصى له بجارية، ثم أحبلها، وأولدها، فهو رجوع كذلك، لأنها صارت أم ولد له .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يوصي لرجل بثوب فيقطعه أو بقطن فيأمر بغزله، أو فضة فصاغها .

                                                                                                                                                                              فكان أبو ثور يقول: ليس شيء من ذلك رجوعا .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: ذلك كله رجوع، ثم قال أصحاب الرأي: إذا أوصى له بثوب فغسله، أو بدار فجصصها، أو بدار فهدمها، فليس هذا رجوعا في الوصية .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بثوب أو بعبد أو بدار، ثم باع ذلك، ثم اشترى الذي باع بعد ذلك .

                                                                                                                                                                              فكان أبو ثور يقول: ليس للذي أوصى له شيء من ذلك، لأن خروجها من يده إبطال للوصية، فلما بطلت لم يكن رجع إلا برجوع من الموصى له بها .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: وصية ثابتة للموصى له، وكذلك إن رجعت إليه بهبة، أو صلة، أو ميراث .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي رحمه الله وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا أوصى له بعبد، [ ص: 160 ] ثم أوصى بذلك العبد لرجل، فالعبد بينهما نصفين، وإذا أوصى لرجل بعبد، ثم قال: العبد الذي أوصيت به لفلان هو لفلان، كان هذا رجوعا في الوصية الأولى، والعبد للآخر منهما في قول الشافعي رحمه الله وأبي ثور، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي رحمه الله يقول: ولو أوصى بعبد، ثم باعه، أو كاتبه، أو دبره، أو وهبه، كان هذا كله إبطالا للوصية فيه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية