الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر عقد النكاح على المهر المجهول

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يتزوج المرأة على مهر مجهول، وذلك مثل أن ينكحها على ثمرة لم يبد صلاحها، أو على ثوب أو دار أو عبد أو دابة لم يصف شيئا من ذلك، فقالت طائفة: لها مهر مثلها إن دخل عليها، ونصف مهر مثلها إن لم يدخل عليها. هكذا قال الشافعي رحمه الله .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لها مهر مثلها إن مات أو ماتت، أو دخل بها فلها المتعة إن طلقها قبل الدخول. هذا قول أبي ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول: إن تزوجها بصك على رجل فلها مهر مثلها. وقال مالك في المرأة تزوج على الجنين: إن دخل بها فلها صداق مثلها وإن لم يدخل بها فسخ نكاحها، وهكذا جوابه فيمن نكح امرأة بخمر، أو ثمرة لم يبد صلاحها، أو بعبد آبق، أو بجمل شارد، وإن دخل بها لم يفرق بينهما، ولها مهر مثلها، وإن أدرك النكاح قبل أن يدخل بها فسخ . [ ص: 340 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ليس يخلو هذا النكاح من أحد معنيين، إذا عقد ببعض ما ذكرناه: إما أن يكون ذلك منعقدا فلا معنى لفسخه، إذ لا حجة مع من يوجب الفسخ، أو لا يكون انعقد، فلا يجوز إثبات نكاح لم ينعقد بدخول رجل على غير زوجته، والذي أقول به إن النكاح ثابت لا يفسد بفساد المهر، للدليل الموجود من كتاب الله على إثبات النكاح بغير تسمية، قال الله - جل ذكره - : ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ) ، فلما أثبت الله عز وجل النكاح بغير تسمية مهر، كان النكاح الذي عقد بغيره حرام في معنى من لم يسم، لأنهم لما قالوا جميعا: إذا دخل بها لها صداق مثلها، فأثبتوا النكاح بالمهر الفاسد، إلا من شذ ممن لا يلتفت إلى خلافه، وإذا كان المفزع في إثبات النكاح في المهر الحرام إلى هذه الآية أو من سمى مهرا حراما في معنى من لم يسم، فالذي يشبه هذا القول أن يجعل لها المتعة إذا طلق قبل الدخول، إذ هو في معنى من لم يسم، فأما أن يقول قائل: إذا طلق قبل الدخول لها نصف صداق مثلها، لأنها في معنى من سمى لها، فإذا طولب بفساد النكاح فزع إلى الآية التي ذكرناها، وجعل ذلك في معنى من لم يسم، فذلك اختلاف من قول قائله، ولا حجة مع قائله يفرق بها بين ذلك .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية