الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              [ذكر] وصية الرجل بأكثر من ثلثه أو وصيته لبعض الورثة فيجيز الورثة ذلك بعد وفاة الميت أو في حياته

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يستأذن ورثته في أن يوصي بأكثر من ثلث ماله، أو أن يوصي لبعض الورثة، فيطيبون به نفسا في حياته، ويأذنون له في ذلك، ثم يبدو لهم بعد وفاته . [ ص: 29 ]

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: لهم أن يرجعوا، لأنهم أجازوا شيئا لم يملكوه في ذلك الوقت، وإنما ملكوا المال بعد وفاته .

                                                                                                                                                                              روينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ذلك التكره لا يجوز .

                                                                                                                                                                              وقال شريح: هم بالخيار إذا نفضوا أيديهم من قبره .

                                                                                                                                                                              7023 - حدثنا موسى قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا غندر، عن شعبة، عن يزيد بن أبي خالد الدالاني قال: سمعت الأعور محمد بن عبيد الله الثقفي يحدث عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله أنه قال في الرجل يوصي بأكثر من الثلث فيجيزه الوارث، ثم لا يجيزه بعد موته: فإن ذلك التكره لا يجوز .

                                                                                                                                                                              وبه قال طاوس .

                                                                                                                                                                              وقال الحكم : إن شاؤوا رجعوا . [ ص: 30 ]

                                                                                                                                                                              وهذا قول سفيان الثوري ، والحسن بن صالح ، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور والنعمان، وأصحابه .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن ذلك جائز عليهم. هذا قول الحسن البصري ، وعطاء بن أبي رباح ، وحماد بن أبي سليمان ، وبه قال عبد الملك بن يعلى .

                                                                                                                                                                              وقال الزهري : ليس للوارث بعد أن يأذن أن يرجع. وكذلك قال ربيعة . وقال مالك : إن كانوا أذنوا له في صحته، فلهم أن يرجعوا فيه، وإن كان ذلك في مرضه، وحين يحجب عن ماله، فذلك جائز عليهم . [ ص: 31 ]

                                                                                                                                                                              وكان الأوزاعي يقول: إذا استأذن الورثة فأوصى لوارثه، ثم رجعوا بعد موته، ليس ذلك لهم .

                                                                                                                                                                              وقال ابن أبي ليلى : إجازتهم جائزة، وليس لهم أن يرجعوا .

                                                                                                                                                                              واختلف فيه عن إسحاق بن راهويه : فحكى إسحاق بن منصور عنه أنه قال كما قال أحمد، وحكى أبو داود الخفاف عنه أنه حكى قول مالك، ثم قال: وهذا الذي يعتمد عليه، لأنه شبيه بالسنن من غيره .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول؛ لأن إذنهم فيما لا يملكون ولا معنى لذلك .

                                                                                                                                                                              وكان مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والشافعي، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وأصحاب الرأي يقولون: إذا [أجازوا] ذلك بعد وفاته لزمهم .

                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري في الرجل يوصي بأكثر من الثلث فيرضى الوارث بذلك قال: جائز .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية