الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر تخيير المفقود إذا قدم بين امرأته وبين صداقها إن قدم بعد النكاح

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المفقود يقدم وقد نكحت امرأته .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يخير بين زوجته [وبين] أن يأخذ صداقها، هذا قول عمر بن الخطاب ، وروي ذلك عن عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم .

                                                                                                                                                                              7399 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا ابن أبي فديك ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن المسيب ، أن عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان قضيا في المرأة التي لا تدري أين زوجها تتربص أربع سنين، وتعتد عدة المتوفى عنها زوجها، فإن جاء بعد أن تنكح، خير فيها وفي الصداق، فإن هو اختارها دفعت إليه، وإن هو اختار الصداق أعطي .

                                                                                                                                                                              7400 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا حجاج ، حدثنا حماد، عن داود، عن أبي نضرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أن امرأة فقدت زوجها فجاءت إلى عمر فقال لها: اعتدي أربع سنين ثم تزوجي. فجاء زوجها بعد ذلك فخيره بين الصداق وبين امرأته .

                                                                                                                                                                              7401 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب قال: كتب الوليد إلى الحجاج أن سل من قبلك عن المفقود إذا جاء وقد تزوجت [ ص: 532 ] امرأته، فسأل الحجاج أبا مليح بن أسامة . فقال أبو مليح: حدثتني (سهية) : ابنة عمر الشيبانية، أنها فقدت زوجها في غزاة غزاها، فلم تدري أهلك أم لا، فتربصت أربع سنين، ثم تزوجت، فجاء زوجها الأول وقد تزوجت. قالت: فركب زوجي إلى عثمان فوجداه محصورا فسألاه وذكرا له أمرهما. فقال عثمان: أعلى هذه الحال؟ قالا: قد وقع ولا بد. قال عثمان: يخير الأول بين امرأته وبين صداقها. قالت: فلم يلبث أن قتل عثمان فركبا بعده حتى أتيا عليا بالكوفة فسألاه فقال: أعلى هذه الحال؟ فقلنا: قد كان ما ترى، ولا بد من القول فيه، وأخبراه بقضية عثمان. فقال: ما أرى إلا ما قال عثمان، واختار الأول الصداق. قالت: فأعنت زوجي الآخر بألفين وكان الصداق أربعة آلاف .

                                                                                                                                                                              وبه قال عطاء ، والحسن ، وخلاس بن عمرو، والنخعي . وهو [ ص: 533 ] قول أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وفي قول سفيان الثوري ، وأهل العراق : هي زوجة الأول، وهكذا قال الشافعي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن الزوج الأول لا حق له فيها، ولا يخير إذا جاء وقد تزوجت. هذا قول مالك بن أنس .

                                                                                                                                                                              وقال مالك: السنة عندنا أنه إذا جاء زوجها قبل أن تتزوج كان أحق بها .

                                                                                                                                                                              وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن : إذا فرق السلطان بينهما فليس للأول عليها رجعة دخل بها أو لم يدخل .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية