الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل من هذا الباب

                                                                                                                                                                              واختلفوا في وصي اليتيم يزوج أمة لليتيم، وفي الأب يزوج أمة ابنه الطفل .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: ذلك جائز .

                                                                                                                                                                              وكذلك المكاتب يزوج أمته، والعبد المأذون له في التجارة كذلك جائز، ويأخذ صداقها، قال: وكل ذلك زيادة في المال. هكذا قال أبو ثور . وأصحاب الرأي في الأب والموصي والمكاتب كما قال أبو ثور .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العبد المأذون له في التجارة .

                                                                                                                                                                              فقال النعمان ، ومحمد : لا يجوز، لأن هذا ليس من التجارة .

                                                                                                                                                                              وقال أبو يوسف: يجوز، لأنه من التجارة [ .... ] .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وفي قول الشافعي : ليس للمكاتب، ولا للعبد [ ص: 607 ] المأذون له في التجارة أن يزوجا ما بأيديهما من الإماء، لأنهما لم يكن لهما أن يعقدا على أنفسهما النكاح. وكذلك ليس لهما أن يعقدا على ما بأيديهما من الإماء النكاح بل ذلك العبد. وكان يقول: لا يجوز لولي اليتيم يزوج عبد اليتيم في قول من قال: إن إنكاحه ولاء له لا فرض. ومن قال: إنكاحه فرض، فعلى وليه أن يزوجه .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يتزوج أمة ابنه، وهو حر أو عبد بعد أن يأذن للعبد مولاه .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: النكاح جائز وإن ولدت ولدا كان عبد الابن في قول مالك، والشافعي . وكذلك نقول، فلا يجوز إزالة ملك رجل عما يملك إلا بكتاب أو سنة أو إجماع .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: النكاح جائز، فإن ولدت منه عتق ولده، ولا تكون أم ولد للأب .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الأب يطأ جارية ابنه بغير تزويج منه فتحمل منه . [ ص: 608 ]

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: تكون أم ولد إذا كان حرا، وعليه قيمتها، أقر بذلك الابن أو جحد. هذا قول أصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : إن علم أن هذا لا يحل له كان زانيا، وعليه الحد، ويلزمه صداق مثلها، والجارية وولدها للابن، وقد قال الله - جل وعز - ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) الآية .

                                                                                                                                                                              فإذا كان وطئ غير زوجة، ولا ملك يمين، فهو معتد ظالم، عليه ما على من وطئ ما لا يحل له. وجعل أبو ثور يعجب من قولهم: إن وطئها حلالا لا تكون أم ولد له، وإن وطئها حراما تكون له أم ولد .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: إذا كان الابن فقيرا، بالغا، لا يجد طولا لحرة، يخاف العنت، فجائز له أن ينكح جارية أبيه كما ينكح أمة غيره، إلا أن ولده من أمة أبيه أحرار، ليس لأبيه أن يسترقهم، لأنهم بنو ولده. وإن كان الأب فقيرا يخاف العنت، فأراد أن ينكح أمة ابنه، لم يجز ذلك، وجبر ابنه إذا كان واجدا على أن يعفه بإنكاح [أو] ملك يمين، لأن للأب إذا بلغ أن يكون فقيرا غير مغن لنفسه زمنا أن ينفق عليه الابن . [ ص: 609 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : من حيث تجب نفقة الأب على الابن، وذلك أن يكون الأب زمنا تجب نفقة الابن على الأب إذا كان زمنا، فإن وجب على الابن أن يعق إياه في الابن حيث أجاز له أن ينكح جارية ابنه إذا كان غير زمن .

                                                                                                                                                                              وكذلك الأب له أن ينكح أمة ابنه إذا كان غير زمن، هذا لئلا يظن ظان أن بينهما فرق - والله أعلم - إلا في معنى واحد، وذلك إذا تزوج الأب أمة ابنه أنه لا يعتق الولد على الأب، وإن نكح الابن أمة أبيه، عتق ولده على الأب .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول: إذا تزوج الرجل أمة ابنه فأولدها عتق الولد على الجد، لأنه ولد ولده، ولو أخذها بغير نكاح فأولدها، فإن كان يعلم أن هذا لا يحل له حد، وكان الولد رقيقا، وعليه صداق مثل. وإن كان جاهلا كما كان عليه الصداق ويدرأ عنه الحد، وكان الولد رقيقا، لأن هذا زنا لا نكاح، ولا ملك يمين فاسد ولا صحيح .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي في النكاح كما قال أبو ثور ، وقالوا: إذا وطئها بغير نكاح لم يكن له ولد له، ولا يشبه الابن الأب، ولا يثبت نسب ولد الابن إذا أخذها غصبا، ولا حد عليه إذا ادعى شبهه، فإن أقر الأب به عتق، ولا يثبت نسب الابن، لأنه من زنا، وإنما صار يعتق بإقرار الأب أنه ابن ابن . [ ص: 610 ]

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري في رجل وقع على جارية ابنه: إن حبلت كانت أم ولد، وإن لم تحبل إن شاء الابن باعها .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد: إذا كان الأب قابضا للجارية، ولم يكن الابن وطئها، فأحبلها الأب، فالولد ولده والجارية له، وليس [للابن فيها] شيء، وكذلك قال إسحاق .

                                                                                                                                                                              وكان أحمد يقول: إذا وطئ جارية امرأته أو أمه، أو ابنه، [أدرأ] في ذلك كله الحد إلا جارية امرأته. وكذلك قال إسحاق .

                                                                                                                                                                              ////

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية