الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسألة:

                                                                                                                                                                              واختلفوا في رجل نكح امرأة على عبد واستحق: فقالت طائفة: لها قيمته .

                                                                                                                                                                              كذلك روي عن شريح، وبه قال ابن أبي ليلى ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي رحمه الله هكذا يقول إذ هو بالعراق، ثم رجع بمصر فقال: لها مهر مثلها .

                                                                                                                                                                              فإن تزوجها على من يحسبه عبدا فخرج حرا، ففي هذا أقاويل: أحدها: أن لها القيمة كذلك قال مالك، وبه كان يقول الشافعي رحمه الله إذ هو بالعراق، وهو قول ابن حنبل وأبي ثور ، وأبي يوسف. وقال أبو يوسف: إن تزوجها على دن من خل فإذا هو [ ص: 343 ] خمر قال: لها القيمة. وفي قول الشافعي رحمه الله: لها مهر المثل .

                                                                                                                                                                              وقال أبو عبيد فيمن نكح على حر، وهما يعلمان بحريته أن النكاح غير ثابت، فإن لم يعلما بها فالنكاح ثابت، ولها قيمة مثله عبدا .

                                                                                                                                                                              وقول الشافعي - رحمه الله - في كل مسألة من هذه المسائل: لها مهر مثلها .

                                                                                                                                                                              وقد حكي عن النعمان قولان: أحدهما: إن لها مهر مثلها إن دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول .

                                                                                                                                                                              والقول الآخر: [أن لها] مهر مثلها .

                                                                                                                                                                              وفيها قول ثالث: في رجل ساق إلى امرأته [رجلا] حرا قال: هو رهن بحاله حتى يفك نفسه أو يفكه الذي رهنه، يروى هذا القول عن النخعي والشعبي ، فإن نكحها على عبدين فخرج أحدهما حرا، [ ص: 344 ] ففي قول الشافعي رحمه الله: لها مهر مثلها. وقد كان يقول بالعراق: إذا تزوجها على عبد فاستحق نصفه ودخل بها، فهي بالخيار في أخذ نصفه والرجوع بنصف قيمته، أو الرجوع بقيمته كله، ولا حق لها في العبد .

                                                                                                                                                                              وفي قول النعمان : إذا خرج أحدهما [حرا] فليس لها غير العبد الباقي .

                                                                                                                                                                              وفي قول أبي يوسف: لها العبد الباقي، وقيمة الحر عبدا .

                                                                                                                                                                              وأما في قول محمد: فلها العبد، إلا أن يكون مهرها أكثر، فبلغ بها ذلك .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : الجواب عندي في هذه المسائل، كالجواب في عقد النكاح على المهر المجهول .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية