الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف الرجل والمرأة في متاع البيت

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يفارق زوجته أو يموت عنها، ويختلفان إن كانا حيين في متاع البيت، أو ورثتهما بعد وفاتهما، أو الباقي منهما وورثة الميت .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: سواء ذلك كله إذا اختلفا، فمن أقام البينة على شيء من ذلك فهو له، ومن لم يقم بينة فالقياس الذي لا يعذر أحد بالغفلة عنه على الإجماع، أن هذا المتاع في أيديهما معا فهو بينهما نصفان، كما يختلف الرجلان في المتاع بأيديهما جميعا فيكون بينهما [نصفين] بعد الأيمان، هكذا قال الشافعي ، وهو قول عثمان البتي، وقال: مثل هذا مثل الصحيح المتاع بينهما نصفان. وكذلك قال أبو ثور بعد أن يتحالفا. وكذلك نقول . [ ص: 467 ]

                                                                                                                                                                              وبه قول ثان: وهو أن ما كان من شيء يعرف أنه للنساء فهو للمرأة، وما كان من سوى ذلك فهو للرجل إلا أن تقيم البينة المرأة، هكذا قال سفيان الثوري في الرجل يفارق امرأته ويتداعيان المتاع. وقال ابن شبرمة وابن أبي ليلى : ما كان للرجال وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان مما يكون للرجال والنساء فهو للرجل. وقال الحكم: ما كان للرجل لا يكون للمرأة فهو للرجل إلا أن تقيم المرأة بينة أنه لها .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن ما كان من ثياب النساء فهو للمرأة، وما كان من ثياب الرجل فهو للرجل، وما بقي فهو بينهما نصفان، هذا قول أحمد بن حنبل ، وقد شك الراوي ذلك عن أحمد في تحالفهما على ذلك، وقد حكي هذا القول عن ابن شبرمة .

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع: وهو أن ما كان للرجل فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان مما يكون لهما جميعا فهو للمرأة. حكي هذا القول عن الحكم وابن أشوع .

                                                                                                                                                                              وفيه قول خامس: وهو أن الرجل إذا مات أو طلق فمتاع البيت كله للرجل إلا الدرع والخمار وشبهه إلا أن يقوم لأحدهما بينة على دعواه، [ ص: 468 ] ولو طلقها في دارها كان أمرها على ما وصفت لك، هذا قول ابن أبي ليلى ، وقد ذكرنا عن ابن أبي ليلى (قول) آخر .

                                                                                                                                                                              وفيه قول سادس: وهو أن لها إذا توفي عنها زوجها ما أغلقت عليه بابها إلا ما كان من متاع الرداء والطيلسان والقميص ونحوه هذا قول الحسن البصري ، وحكي عنه أنه قال كذلك إلا سلاح الرجل ومصحفه .

                                                                                                                                                                              وفيه قول سابع: وهو أن ثياب المرأة للمرأة، وثياب الرجل للرجل، وما تشاجروا فلم يكن لهذا ولم يكن لهذا، فهو للذي في يديه، هذا قول حماد بن أبي سليمان .

                                                                                                                                                                              وفيه قول [ثامن] : في المتاع إذا مات الرجل أو ماتت المرأة، قال: ما كان يكون للرجال، فهو للرجال، وما كان يكون للنساء فهو للمرأة، وما كان يكون للرجال والنساء فهو للباقي منهما، وإن كان [ ص: 469 ] طلاقا فما كان يكون [للرجال] فهو للرجل وما كان يكون للنساء فهو للمرأة، وما كان يكون للنساء والرجال فهو للرجل، هذا قول النعمان ويعقوب عنه .

                                                                                                                                                                              وفيه قول تاسع: وهو أن تعطى المرأة من متاع المرأة ما يجهز به مثلها ويكون ما بقي للزوج، هذا قول يعقوب .

                                                                                                                                                                              وفيه قول عاشر: وهو أن ذلك كله في الحياة والموت إن بقيت المرأة أو ماتت ما كان يكون للرجل والمرأة فهو للرجل على كل حال، هذا قول محمد بن الحسن .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الحر والمملوك إذا كانا زوجين فافترقا، واختلفا في متاع البيت .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: الجواب في ذلك كالجواب في الحرين، كذلك قال أحمد، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إذا كان أحدهما حر والآخر مملوك أو مكاتب أو مدبر أو أم ولد فإن المتاع كله للحر، إن كانت هي المرأة وإن كان هو الرجل . [ ص: 470 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية