الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المرأة يطلقها زوجها طلاقا يملك فيه رجعتها فراجعها الزوج ولا تعلم به فتزوج وجاء الزوج الذي راجع

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يطلق المرأة ثم يراجعها، ويشهد على الرجعة، ثم تنقضي العدة وتزوج المرأة وهي لا تعلم برجعة الأول، ثم جاء الزوج الأول .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: الزوج الأول أحق بها دخل بها الثاني أو لم يدخل .

                                                                                                                                                                              هذا قول سفيان الثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي. وبه قال أبو عبيد ، وروي هذا القول عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                              7403 - حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، حدثنا هشيم ، أخبرنا محمد بن سالم، عن الشعبي قال: قال علي: إذا راجعها وهي في العدة فهي [ ص: 540 ] امرأته تزوجت أو لم تزوج، دخل بها أو لم يدخل، علمت أو لم تعلم .

                                                                                                                                                                              7404 - أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا يحيى بن حسان، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن سعيد بن جبير ، عن علي بن أبي طالب مثله .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن الزوج الثاني إن كان دخل بها فلا سبيل للأول عليها، وإن لم يكن دخل بها فهو أحق بها، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب .

                                                                                                                                                                              7405 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن ابن المسيب ، وعن منصور ، عن إبراهيم أن أبا كنف طلق امرأته ثم خرج مسافرا، وأشهد على رجعتها قبل انقضاء العدة ولا علم لها بذلك حتى تزوجت، فسئل عن ذلك عمر بن الخطاب فقال: إن دخل بها فهي امرأته، وإلا فهي امرأتك إن أدركتها قبل أن يدخل بها .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أنها إن تزوجت ولم يدخل بها زوجها فلا سبيل لزوجها الأول إليها، هذا قول مالك بن أنس ، وروي هذا القول عن سعيد بن المسيب ، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد ، ونافع . [ ص: 541 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : قال الله - جل ذكره - : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ) فأثبت الله - جل وعز - للزوج الرجعة في العدة إذا كان الطلاق طلاقا يملك المطلق فيه الرجعة، وإذا جعل الله ذلك حقا للمطلق لم يجز إبطال ما ثبت له بكتاب الله بباطل من نكاح عقد، ولا بدخول من ليس بزوج بأن ذلك في المتعقب، ولا فرق بين هذه وبين تلك التي بلغتها وفاة زوجها فزوجت وجاء الزوج الأول إذ كل واحدة منهما نكحت .

                                                                                                                                                                              والنكاح لها في الظاهر مباح، فلما ثبت بالبينة أن لكل واحدة منهما زوج وجب إبطال النكاحين، والله أعلم .

                                                                                                                                                                              ولو لم تكن نكحت وقد انقضت العدة وادعى الزوج أنه راجعها في العدة وكذبته المرأة فإنها تستحلف في قول الشافعي ، وأبي ثور ، وأبي يوسف، ومحمد ، وقال النعمان : لا يكون يمين في النكاح ولا في الرجعة .

                                                                                                                                                                              وبقول الشافعي أقول، وذلك لثبوت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اليمين على المدعى عليه وهذه مدعى عليها فاستحلافها يجب على ظاهر الحديث، والله أعلم . [ ص: 542 ]

                                                                                                                                                                              [ ص: 543 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية