الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر الرجل يوصي بثلث ماله ثم يستفيد مالا غير المال الذي كان يملكه وقت أوصى

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يوصي بثلث ماله، وله مال ثم يستفيد مالا سوى المال الذي كان يملكه وقت أوصى. فقالت طائفة: له ثلث جميع ما يخلفه عند الموت، هذا قول النخعي . [ ص: 81 ]

                                                                                                                                                                              وبه قال الأوزاعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وهو يشبه مذاهب الشافعي رحمه الله .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - أنه قال في رجل أوصى بثلثه ثم قتل خطأ، قال: يدخل ثلث ديته في وصيته التي أوصى بها. وكذلك قال الحسن البصري .

                                                                                                                                                                              7054 - حدثنا موسى، قال: حدثنا شجاع، قال: حدثنا عباد بن العوام ، قال: أخبرنيه سعيد، عن قتادة ، عن خلاس، عن علي في رجل أوصى بثلثه ثم قتل خطأ: قال: تدخل ثلث ديته في وصيته التي أوصى بها .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: قاله مالك: قال مالك في الرجل يوصي بثلث ماله ثم يأتي بعد ذلك مال قد ورثه قبل أن يموت، لم يكن ذكره ولا علم به قال: إن كان بين هلاكه وهلاك ذلك الذي ورث ما يعرف الناس أنه لم يعلم به، وذلك أن يكون مسافر ما بينه وبين البلاد شهرا، أو شهرين، [ ص: 82 ] فيأتي من يخبر أنه لم يكن بينهما إلا يوم أو يومان، فلا يكون لأهل الوصايا منه شيء، لأنه قد علم أنه لم يوص منه بشيء .

                                                                                                                                                                              وقال مالك : كل من أوصى بوصية في كل مال له بوجوه، وإن لم يعرف عدته من مال يتجر له فيه، وغلة لا يدري كيف يكون خراجها، أو ميراث لا يعرف عدته، وكل ما كان يرى أن لا يعلم، ولا يقع فيه الوصية. ابن وهب عنه .

                                                                                                                                                                              وقال ابن وهب : وبلغني عن ربيعة أنه قال في رجل أوصى فقال: كل مملوك لي حر، وقد ورث رقيقا باليمن حين قال ذلك ولم يعلم، فقال ربيعة: هم مملوكون. قال: وسألت مالكا فقال: لا يعتق إلا من علمه منهم، وما غاب عنه منهم فلا يعتق .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وفي المسألة قول ثالث قال أحمد: في رجل أوصى بثلث ماله لرجل ثم قتل خطأ أو استفاد مالا، قال: إذا استفاد مالا فنعم، وأما إذا قتل خطأ: فإنه لم يملك بعد شيئا، وإنما تجب الدية بعد موته. وكذلك قال إسحاق .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية