الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              جماع أبواب الوصايا للجماعات المتفرقين

                                                                                                                                                                              وذكر الوصية للقرابة

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يوصي لقرابته: فقالت طائفة: إذا قال الرجل: ثلثي لقرابتي، أو لذي رحمي، أو لرحمي أو لأرحامي ليسوا من قبل الأب والأم، وأقربهم وأبعدهم، وأغناهم وأفقرهم سواء، لأنهم أعطوا باسم القرابة، كما أعطي من شهد القتال باسم الحضور، وإن كان من قبيلة من قريش أعطي بقرابته المعروفة عند العامة، فينظر إلى القبيلة التي ينسب إليها، فيقال: من بني عبد مناف، ثم يقال: وقد تفترق بنو عبد مناف فمن أيهم؟ قيل: من بني عبد المطلب، فيقال: [أيتميز] بنو المطلب؟ قيل: نعم، قيل: من أيهم؟ قيل: من بني عبد يزيد بن [هاشم] بن المطلب، فإن قيل أيتميز هؤلاء؟ قيل: نعم، بنو السائب بن عبيد بن عبد يزيد، فإن قيل أيتميز هؤلاء؟ قيل: نعم، بنو شافع، وبنو علي وبنو عباس، وكل هؤلاء بنو السائب، فإن قيل أفيتميز هؤلاء؟ قيل: نعم، كل بطن من هؤلاء يتميز عن صاحبه، فإذا كان من آل شافع قيل لقرابتهم لآل شافع، دون آل علي والعباس؛ لأن كل هؤلاء متميز ظاهر، ولو قال: لأقربهم بي رحما أعطي أقربهم بأبيه أو أمه سواء، وأيهم جمع قرابة بأب وأم كان أقرب ممن انفرد بأب أو أم. هذا قول الشافعي رحمه الله . [ ص: 42 ]

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول: إذا أوصى بثلث ماله في قرابته، وهو لقرابته من قبل الأب والأم الرجال والنساء فيه سواء كلهم، وذلك أن الخال قريب مثل العم، وكذلك بنو العم مثل العم يلزمه الاسم بالقرابة كما يلزم العم، وكذلك ابن الخال، فكل من لزمه اسم قرابة للميت فهو داخل في الوصية ما لم يبين الميت. قال: هذا قول أبي عبد الله.

                                                                                                                                                                              وقال أحمد : إذا أوصى لقرابته فالذكر والأنثى سواء. وكذلك قال إسحاق .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد: إذا أوصى لقرابته فهو مثل أن يوصي بثلث ماله لأهل بيته، ولكن لا يجاوز أربعة آباء .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقول أحمد هذا قول ثان .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن ذوي قرابته كل رحم محرم منه، فإن كان له عمان وخالان وله ولد، فالثلث [لعميه] ، لأنهما أقرب إليه من الخالين، وأدنى ما يكون من ذوي القرابة اثنان فصاعدا، ولو كان عم واحد وخالان كان للعم النصف وللخالين النصف ، وهذا قول النعمان .

                                                                                                                                                                              وفيه قول آخر: وذلك أن العمين والخالين في الثلث سواء، وكذلك [ ص: 43 ] كل ذي رحم محرم، فالثلث بينهم سواء، وإن كان بعضهم أقرب من بعض .

                                                                                                                                                                              وقال يعقوب ومحمد بعد ذلك: القرابة كل من كان له من ولد الأب، ومن قبل الأم إلى أقصى الآباء الذين ينتسبون في الإسلام كل ذي رحم محرم .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في الرجل يوصي بمال يقسمه على أقاربه قال: يقسم على الأقرب فالأقرب على الاجتهاد .

                                                                                                                                                                              وكان قتادة يقول: إذا أوصى الرجل بوصية في قرابته، في الأعمام الثلثان وفي الأخوال الثلث. وكذلك قال الحسن البصري فيمن أوصى لأعمامه وأخواله: لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث، ويزاد الأقرب فالأقرب بعض الزيادة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: الذي قاله الشافعي رحمه الله حسن .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية