الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر الرجل يوصي بوصايا فأمر فيها بالعتق

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يوصي بوصايا فيها عتق .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يبدأ بالعتق .

                                                                                                                                                                              روي هذا القول عن ابن عمر .

                                                                                                                                                                              7051 - حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا عبد الله، عن سفيان، عن أشعث، عن نافع ، عن ابن عمر قال: يبدأ بالعتاقة قبل الوصايا . [ ص: 72 ]

                                                                                                                                                                              وبه قال شريح، والحسن البصري ، ومسروق، والنخعي، وقتادة، وعطاء الخراساني ، والزهري .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في الرجل يوصي لوارث بعتق ويوصي بوصايا قال: يبدأ بالعتق .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : إذا قال: أعتقوا فلانا وأوصى بوصايا فعالت وصيته على الثلث، قال: يبدأ بعتق فلان على الوصايا، فإن قال: أعتقوا عني نسمة، ثم أوصى بوصايا فعالت وصيته قال: يدخل العول على النسمة والوصايا .

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول: إذا أوصى بعتاقة ووصايا يبدأ بالعتاقة، فإن بقي - يعني بقية - كان لأصحاب الوصايا. وقال إسحاق بن راهويه : يبدأ بالعتاقة، وكما قال ذلك ابن عمر . [ ص: 73 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن ذلك بالحصص لا يقدم شيء على شيء. هذا قول ابن سيرين ، وبه قال الحسن البصري آخر قوليه. ذكر الأشعث أن الحسن كان يقول: يبدأ بالعتاقة، قال: ثم قال في مرضه: بالحصص. وهذا قول الشعبي . وروي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وليس يثبت ذلك عنه، لأن الذي رواه ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عنه .

                                                                                                                                                                              وقد اختلف فيه عن عطاء، فروى ابن جريج عنه أنه قال: يبدأ بالعتاقة، وروى قيس وحجاج بن أرطاة عنه أنه قال: الثلث بينهم بالحصص. ورواية ابن جريج عنه أثبت . [ ص: 74 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد ذكر الشافعي رحمه الله القولين، وأكثر من لقيت من أصحابه يذكر أن مذهبه أن يكون ذلك بالحصص. وقال أحمد بن حنبل : يتحاصون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل المعتق في الثلث. وقال أبو ثور : الثلث بينهم بالحصص .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو قول من فرق بين أن يوصي بعتق عبد بعينه يملكه، وبين أن يقول: تشتري لي نسمة لتعتق .

                                                                                                                                                                              كان النخعي يقول في الرجل يوصي بعتاق عبده في مرضه، ويوصي معه بوصايا، قال: يبدأ بعتاقة العبد قبل الوصايا، فإن أوصى أن تشترى له نسمة فتعتق، كانت النسمة كسائر الوصية. وقال سفيان الثوري : إذا أوصى بأشياء وقال: أعتقوا عني فبالحصص، وإذا أوصى قال: فلان حر، بدأ بالعتاقة. وكان الشعبي يقول: إذا أعتق في وصيته مملوكا هو له فعجز وصيته بدأ به، وإذا قال: أعتقوا عني فبالحصص. وبه قال ابن شبرمة ، وابن أبي ليلى ، والحسن بن صالح .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن الأوزاعي نحو من هذا القول .

                                                                                                                                                                              7052 - وقد روينا عن ابن شبرمة أنه قال: يكون العتق كما سمي، ووصيته لمن سمى، ولكن العبد يسعى فيما بقي عليه. حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن معمر، عنه . [ ص: 75 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية