الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الشهادة على الرضاع

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في البينة الذي يجب قبولها في الرضاع. فقالت طائفة: لا يقبل في ذلك أقل من أربع نسوة، كذلك قال عطاء ، وقتادة .

                                                                                                                                                                              وقال الشعبي : في شهادة النساء على ما لا يراه الرجال أربع .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يجوز رجلان، أو رجل وامرأتان. هكذا روي عن عمر بن الخطاب .

                                                                                                                                                                              7445 - حدثنا محمد بن علي ، حدثنا سعيد، حدثنا هشيم ، أخبرنا ابن أبي ليلى ، والحجاج ، عن عكرمة بن خالد المخزومي، أن عمر بن الخطاب أتي في امرأة شهدت على رجل وامرأته أنها أرضعتهما فقال: لا، حتى يشهد رجلان أو رجل وامرأتان .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: ولو رأى ذلك رجلان، أو رجل وامرأتان جازت شهادتهما، ولا تقبل من النساء بينة أقل من أربع .

                                                                                                                                                                              وكان ابن أبي ليلى يقول: امرأتين ورجل . [ ص: 577 ]

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: لا يجوز حتى يشهد رجلان، أو رجل وامرأتان .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: قال الحكم: ثنتين، يعني امرأتان .

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع: وهو أن شهادة المرأة الواحدة جائزة في الرضاع إذا كانت مرضية، وتستحلف مع شهادتها. كذلك قال ابن عباس .

                                                                                                                                                                              7446 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس قال: شهادة المرأة الواحدة جائزة في الرضاع إذا كانت مرضية وتستحلف مع شهادتها .

                                                                                                                                                                              قال: وجاء ابن عباس رجل فقال: زعمت فلانة أنها أرضعتني وامرأتي وهي كاذبة، فقال ابن عباس : انظروا، فإن كانت كاذبة فسيفنيها بلاء، فلم يحل [الحول] حتى برص ثديها .

                                                                                                                                                                              وممن رأى أن شهادة المرأة الواحدة تجوز: طاوس والزهري والأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز ، وابن أبي ذئب .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد، وإسحاق كما قال ابن عباس ، قالا: فإن كانت كاذبة تبيض ثديها فلا تستحلف في الولادة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد يجد من قال بهذا القول مذهبا لقوله: وذلك لحديث [ ص: 578 ] .

                                                                                                                                                                              7447 - حدثناه إسحاق ومحمد بن علي قالا: أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني ابن أبي مليكة ، أن عقبة أخبره - أو سمعه منه إن لم يكن خصه به - : أنه نكح ابنة أبي إهاب، فقالت أمة سوداء: قد أرضعتكما. قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فأعرض، فجئت إليه الثانية، فذكرت ذلك له، فقال: "كيف وقد زعمت [أن قد] أرضعتكما، ونهاه عنها" .

                                                                                                                                                                              7448 - حدثنا إسحاق ومحمد بن علي، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبيد بن أبي مريم، عن عقبة بن الحارث، قال ابن أبي مليكة : وقد سمعته من عقبة أيضا قال: تزوجت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت أمة سوداء، فزعمت أنها أرضعتنا جميعا. قال: فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك، وقلت: إنها كاذبة، فأعرض عني، فتحولت من الجانب الآخر، فقلت: يا رسول الله إنها كاذبة. قال: "وكيف تصنع بقول هذه، دعها عنك" .

                                                                                                                                                                              قال معمر : وسمعت غيره يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم "كيف بك وقد قيل"
                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بتركها من جهة الورع لا لزاما وفرضا . [ ص: 579 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية