الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر الوصية لما في البطن وبما في البطن

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: كان سفيان الثوري ، والشافعي رحمه الله وإسحاق وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه: يجيزون الوصية للحمل في بطن أمه .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي رحمه الله: وذلك إذا كان مخلوقا يوم وقعت الوصية، ثم خرج حيا لأقل من ستة أشهر من يوم تكلم بالوصية، فإن ولدت لستة أشهر من يوم تكلم بالوصية فالوصية مردودة، لأنه يحدث حمل بعد الوصية، فيكون غير ما أوصى له، وهذا على مذهب أبي ثور، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: ولو كان زوجها ميتا حين أوصى بالوصية فجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر، أو أكثر لما يلزم له النسب، كانت الوصية جائزة، وهذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. وإذا كان الحمل الذي أوصى له غلاما وجارية أو أكثر: كانت الوصية بينهم سواء على العدد. هكذا قال الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إذا أوصى فقال: إن كان في بطن فلانة جارية فلها وصية ألف درهم، وإن كان في بطنها غلام فله وصية ألفان، فولدت جارية لستة أشهر إلا يوما، وولدت غلاما بعد ذلك بيومين، أو ثلاثة، أو نحو ذلك، فإن الوصية لهما جميعا من الثلث من قبل أنهما في بطن واحد. وأن الوصية قد وقعت لهما حيث ولدت الأول . [ ص: 92 ]

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : الوصية باطل، وذلك أنه قال: إن كان في بطنها كذا فلها كذا، أو كذا فله كذا. وإنما أراد بالوصية أحدهما دون الآخر .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إن ولدت غلامين أو جاريتين لأقل من ستة أشهر فالوصية إلى الورثة، يعطون أي الغلامين شاؤوا، أو أي الجاريتين شاؤوا .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : يقرع بين الغلامين أو الجاريتين فمن أصابته القرعة أعطي .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور وأصحاب الرأي: إن كان قال: إن كان الذي في بطنك غلاما فله ألفان، وإن كانت جارية فلها ألف درهم، فولدت غلاما وجارية، أو غلامين، أو جاريتين، فليس لواحد منهما شيء، لأن الذي في بطنها غير ما قال .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي رحمه الله: ولو قال رجل: ما في بطن جاريتي فلانة لفلان، ثم توفي، فولدت جاريته لأقل من ستة أشهر من يوم تكلم بالوصية، كان لمن أوصى له به، وإن ولدت لستة أشهر فأكثر، لم يكن له، لأنه قد يحدث الحمل فيكون الحمل الحادث غير الذي أوصى به .

                                                                                                                                                                              الربيع عنه، ولم يسمعه منه، وكذلك قال أصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية