الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الأمة تغر الحر بنفسها

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يأذن لأمته في النكاح، ووكل وكيلا بتزويجها فيخطبها الرجل فتذكر أنها حرة، أو يذكره الوكيل للزوج، فتزوجها على ذلك وولدت أولادا ثم علم . [ ص: 431 ]

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: إن كان الناكح ممن له تزويج الإماء فإن أحب المقام معها كان ذلك له، وعليه مهرها وقيمة أولادها يوم سقطوا من بطن أمهم لسيد الأمة، ويرجع بجميع ما أخذ منه من قيمة أولاده على الذي غره، إن كان غره الذي زوجه رجع به عليه، وإن كانت هي غرته رجع به عليها إذا أعتقت، فلا يرجع عليها إذا كانت مملوكة، ولا يرجع بالمهر على الذي غره، وإن كانت مدبرة أو أم ولد، وإن رجع عليها إذا أعتقت إذا كانت هي التي غرت، وإن كانت مكاتبة رجع عليها في حال الكتابة، لأن الجناية والدين في الكتابة يلزمها، وإن كان ممن يجد طولا لحرة فالنكاح مفسوخ، وإن لم يكن أصابها فلا مهر ولا نصف ولا متعة، وإن أصابها فلها مهر مثلها. هذا كله قول الشافعي رحمه الله وقد كان الشافعي رحمه الله إذ هو بالعراق يقول: يرجع بالمهر على الذي غره. وكذلك قضى عمر، وعلي، وابن عباس في المغرور يرجع بالمهر على من غره .

                                                                                                                                                                              وأنكر علي من فرق بين المهر وقيمة الأولاد وقال: كيف يرجع بأحد الأمرين دون الآخر. وفي قول مالك بن أنس . وسفيان الثوري ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي: لا قيمة على الأب فيمن مات منهم قبل أن يستحق، فكان الشافعي رحمه الله يقول: قيمتهم يوم يسقطون، وهكذا قال ابن أبي ليلى . وقال سفيان الثوري ، ومالك بن أنس : القيمة [ ص: 432 ] يوم يحكم عليه، وكان سفيان الثوري ، أبو ثور ، وأصحاب الرأي يقولون: يرجع الأب بقيمة الأولاد على من غره .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية