الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم فيما يحرم على الرجل إذا فجر بأم امرأته أو ابنتها

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يفجر بأم امرأته .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: تحرم عليه امرأته .

                                                                                                                                                                              روي هذا القول عن عمران بن حصين .

                                                                                                                                                                              7374 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن، عن عمران بن حصين ، في رجل فجر بأم امرأته، قال: حرمت عليه امرأته .

                                                                                                                                                                              وكذلك قال الحسن، والشعبي ، وعطاء فيمن فجر بأم امرأته أو ابنتها قالوا: تحرمان عليه جميعا . [ ص: 509 ]

                                                                                                                                                                              وقال الحكم وحماد فيمن غشي أم امرأته: أحب إلينا أن يفارقها، وقال إبراهيم النخعي : لا يقم عليها .

                                                                                                                                                                              وقال جابر بن زيد : تحرم عليه امرأته .

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري : إذا جامع الرجل أم امرأته، أو ابنة امرأته فسدت عليه [البنت والأم] .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد، وإسحاق : إذا زنى رجل بامرأة لا يتزوجها ابنه ولا أبوه، وقال أحمد: إذا زنى بالمرأة لم يتزوج أمها ولا ابنتها .

                                                                                                                                                                              وقال إسحاق : لا يحرم كل ما كان دون الجماع. وقيل لأحمد : سئل الأوزاعي عن الغلامين يلوط أحدهما بصاحبه، ثم يكبرا فيولد للمفعول به، أو يتزوجها الفاعل به؟ قال: لا. قال أحمد: على قولنا كما قال إذا كان ذلك في الدبر .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إذا قبل الرجل امرأة لشهوة بنكاح أو فجور فإنها لا تحل لولده، ولا لأحد من آبائه. وإذا جامع الرجل أم امرأته، [ ص: 510 ] حرمت عليه امرأته، ولا تحل له امرأته، ولا شيء من ولد التي جامع، ولا من ولد ولدها، ولا أمها ولا أحد من أمهاتها أبدا، والتي جامع حرام على ولده، وولد ولده، وعلى أبيه، وعلى أجداده .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إذا غشي أم امرأته، وابنة امرأته، تخطى حرمتين إحداهما إلى الأخرى (ولا تحرم عليه امرأته، كذلك قال ابن عباس ، وممن هذا مذهبه) وأن الحرام لا يحرم الحلال: يحيى بن يعمر ، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، ومجاهد ، والحسن البصري ، والزهري . وروي عن علي أنه قال في رجل فجر بأخت امرأته: لا تحرم عليه امرأته .

                                                                                                                                                                              7375 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: أخبرنا حجاج قال: حدثنا حماد، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في رجل غشي أم امرأته أو ابنة امرأته، قال: تخطى حرمتين إحداهما إلى الأخرى، ولم تحرم عليه امرأته .

                                                                                                                                                                              7376 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، في رجل زنى بأخت امرأته: تخطى حرمة إلى حرمة [ ص: 511 ] ولا تحرم عليه امرأته .

                                                                                                                                                                              7377 - حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا سعيد قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا محمد بن سالم، عن الشعبي ، عن علي في رجل فجر بأخت امرأته: لا تحرم عليه امرأته، وليعتزلها حتى تنقضي عدة الأخرى، ثم يرجع إلى امرأته ويستغفر الله ولا يعود .

                                                                                                                                                                              وهذا كله قول مالك بن أنس ، ومحمد بن إدريس الشافعي رحمه الله وأبي ثور ، وكذلك نقول. وكان الشافعي رحمه الله من أحسنهم احتجاجا في هذا الباب، وقد ذكرت من حجته مختصرا في الكتاب الذي اختصرت منه هذا الكتاب .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ولما ارتفع الصداق في الزنا ووجب العدة والميراث ولحوق الولد، ووجب الحد، وحرام أن ينظر الزاني بالمرأة إلى شعر أمها أو ابنتها، كما ينظر إلى شعر أم امرأته وابنتها، ارتفع أن يكون حكم الزنا حكم الجماع الحلال بالنكاح المباح. وقد أجمع أهل العلم على ثبوت زوجية الابنة قبل أن يزني بأمها، واختلفوا في وقوع التحريم عليها بعد أن زنى بأمها، وغير جائز تحريم زوجة قد أجمع أهل العلم على ثبوت نكاحها إلا بحجة من كتاب أو سنة أو إجماع . [ ص: 512 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية