الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الرضاعة بلبن الفحل

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في تحريم الرضاع بلبن الفحل: فحرمت ذلك طائفة ونهت عنه، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، وبه قال ابن عباس ، وعطاء بن أبي رباح ، وطاوس .

                                                                                                                                                                              7440 - أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب ، عن عمرو بن الشريد ، عن ابن عباس ، سئل عن رجل كانت له امرأتان، فأرضعت إحداهما غلاما، وأرضعت الأخرى جارية، فقيل له: هل يتزوج الغلام الجارية، فقال: لا، اللقاح واحد .

                                                                                                                                                                              7441 - حدثنا محمد بن علي ، حدثنا سعيد، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثني موسى بن أيوب الغافقي، حدثني عمي إياس بن عامر قال: قال لي علي: لا تنكحن من أرضعت امرأة أبيك، ولا امرأة ابنك، ولا امرأة أخيك .

                                                                                                                                                                              وكره ذلك مجاهد ، والحسن البصري ، والشعبي ، والقاسم بن محمد ، وعروة بن الزبير ، وممن كان يحرم بلبن الفحل: مالك بن [ ص: 564 ] أنس، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق وأبو عبيد، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي. وحكي ذلك عن عبيد الله بن الحسن .

                                                                                                                                                                              ورخصت طائفة في ذلك. وممن روي عنه أنه رخص فيه: سعيد بن المسيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، والنخعي ، والقاسم بن محمد ، وأبو قلابة . وقال القاسم بن محمد : كان يدخل على عائشة من أرضعه بنات أبي بكر ، ولا يدخل عليها من أرضع نساء بني أبي بكر . وروي عن ابن عمر أنه قال: لا بأس بلبن الفحل .

                                                                                                                                                                              7442 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري، عن خصيف ، عن سالم [عن] عبد الله بن عمر قال: لا بأس بلبن الفحل .

                                                                                                                                                                              7443 - وحدثنا علي، حدثنا أبو عبيد ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه، عن عائشة ، أنها كانت تأذن لمن أرضع أخواتها، وبنات أخيها، ولا تأذن لمن أرضع نساء أخواتها، وبني أخيها . [ ص: 565 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وبالقول الأول أقول، وذلك لثبوت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على ذلك .

                                                                                                                                                                              7444 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا جعفر بن عون ، حدثنا هشام، عن أبيه قال: أخبرتني عائشة : أن عمها أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها بعد ما ضرب الحجاب، فأبت أن تأذن له حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتستأذنه، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقالت: جاء عمي أخو أبي القعيس، فرددته حتى أستأذنك. [فقال] : "أوليس بعمك؟ " قالت: إنما أرضعتني المرأة، ولم يرضعني الرجل. قال: "إنه عمك فليلج عليك" .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وحجة ثانية، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". وقد ذكرت إسناده قبل، والسنة مستغنى بها عما سواها. وقد تركت إثبات باقي الحجج في هذا الكتاب طلبا للاختصار، واستغناء بالسنة . [ ص: 566 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية