الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر وصية المرء بجزء من ماله أو بنصيب منه

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بجزء من ماله أو بنصيب أو سهم .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: السهم السدس .

                                                                                                                                                                              هذا قول الحسن البصري .

                                                                                                                                                                              وقال إياس بن معاوية : السهم في كلام العرب السدس .

                                                                                                                                                                              وروينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال في رجل جعل (الرجل) سهما من ماله، ولم يسمه، فقال عبد الله: له السدس .

                                                                                                                                                                              7055 - حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا محمد بن أبي قيس، عن هزيل أن رجلا جعل (الرجل) سهما في ماله، ولم يسم، فقال عبد الله: له السدس. وبه قال الثوري . [ ص: 86 ]

                                                                                                                                                                              وقال إسحاق : لو ذهب ذاهب إلى السدس عالت أو [لم] تعل كان مذهبا .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: ترفع السهام فيكون للموصى له سهم. هكذا قال شريح .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد: يعطى السدس، إلا أن تعول الفريضة، فإن كانت الفريضة من ثمانية له التسع، وإن كانت من عشرة فله واحد من إحدى عشرة، هذه حكاية إسحاق بن منصور عنه .

                                                                                                                                                                              وحكى الأثرم عنه أنه قال: ينظر كم سهما تكون الفريضة فيعطى سهما منهم. قال: قلت له: (يعطى سهم رجل، أو سهم امرأة؟ قال: أقل ما يكون من السهام) يعطى .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يقال للورثة: أعطوه منه ما شئتم، وذلك في الرجل يقول: لفلان نصيب من مالي، أو جزء من مالي، أو حظ من مالي، فذلك كله سواء، ويقال للورثة: أعطوه منه ما شئتم، لأن كل شيء جزء ونصيب وحظ. هذا قول الشافعي رحمه الله . [ ص: 87 ]

                                                                                                                                                                              (وبه) قول رابع: قاله أبو ثور قال: وإذا أوصى لرجل بسهم من ماله أعطي أحسن السهام من الفريضة، سهما من أربعة وعشرين سهما، ثم يقسم الباقي بين الورثة، وذلك أكثر ما تؤخذ الفريضة منه. وقال: إذا أوصى بجزء من ماله، أو نصيب، أو طائفة، أو ببعض، أو بشقص، فذلك كله إلى الورثة يعطون ما شاؤوا .

                                                                                                                                                                              وإذا أوصى بالثلث إلا شيئا أو إلا قليلا، فإن ذلك إلى الموصى له يرد من ذلك ما يقع عليه اسم شيء أو قليل، وإذا قال بجل هذا الألف، أو بزهاء هذا الألف، أو بعامتها، فإن تلك الألف له إلا بقدر العشرة، وذلك أن اللغة لا تطلق لشيء عامته أو كله أو بزهاء ألف أو لعامة الشيء إلا قد قارب الكل، وإنما قلنا العشر احتياطا. والله أعلم .

                                                                                                                                                                              وفيه قول خامس: قاله النعمان في رجل يوصي للرجل بجزء من ماله ثم يموت، قال: يعطيه الورثة ما شاؤوا، وإذا أوصى بسهم من ماله ثم يموت، فله مثل نصيب أحد الورثة، إلا أن يكون أكثر من السدس فيكون له سدس، وقال يعقوب ومحمد: له مثل نصيب أحدهم إلا أن يكون أكثر من الثلث، ولا يجوز له إلا الثلث، إلا أن يسلم الورثة .

                                                                                                                                                                              وفي كتاب محمد بن الحسن : وإذا أوصى بجزء من ماله فذلك كله سواء، أو نصيب من ماله، أو بطائفة من ماله، أو ببعض ماله، [ ص: 88 ] أو بشقص من ماله، فذلك كله سواء، وذلك إلى الورثة يعطونه ما شاؤوا من ذلك. وإذا أوصى بالثلث إلا شيئا [أو] إلا قليلا، أو إلا يسيرا، أو بزهاء ألف، أو بجل هذه الألف، أو بعامة هذه الألف، أو بعظم هذه الألف، وذلك يخرج من الثلث، كان له النصف منها، وما زاد على النصف فهو إلى الورثة، ويعطونه النصف أو يزيدونه ما شاؤوا بعد من النصف الآخر .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إذا أوصى له بسهم من ماله، ولم يبين، فلا شيء له. روينا هذا القول عن عطاء بن أبي رباح ، وعكرمة .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن إياس بن معاوية أراد أن يقضي بالسدس فكتب عدي إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن ذلك، فكتب عمر: إن قضاء الله قبل شرطه، لا شيء له .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية