الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في معنى قوله: ( إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح )

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في تفسير قوله جل وعز: ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: الذي بيده عقدة النكاح: الزوج، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس ، وجبير بن مطعم .

                                                                                                                                                                              7262 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد، عن علي بن زيد ، عن عمار بن أبي عمار ، أن ابن عباس قال: الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج .

                                                                                                                                                                              7263 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت عيسى بن عاصم قال: سمعت شريحا يقول: سألني علي عن الذي بيده عقدة النكاح، فقلت: هو الولي، قال: لا، بل هو الزوج . [ ص: 377 ]

                                                                                                                                                                              7264 - أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سعيد بن سالم، عن عبد الله بن جعفر بن المسور، عن واصل بن أبي سعيد ، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه أنه تزوج امرأة ولم يدخل بها حتى طلقها، فأرسل إليها بالصداق تاما، فقيل له في ذلك فقال: أنا أولى بالعفو .

                                                                                                                                                                              7265 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد ، عن محمد بن عمرو قال: أخبرني يحيى بن عبد الرحمن أن جبير بن مطعم تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، فبعث إليها بجميع صداقها وقال: أنا أحق بالعفو .

                                                                                                                                                                              وبه قال شريح، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وسعيد بن [ ص: 378 ] المسيب، ونافع بن جبير ، وإياس بن معاوية، ونافع مولى ابن عمر ، والضحاك بن مزاحم ، ( والشافعي ) ، وجابر بن [زيد ] ، وابن سيرين .

                                                                                                                                                                              وكذلك قال سفيان، والشافعي رحمه الله وإسحاق بن راهويه ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وكذلك نقول .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: هو الولي . [ ص: 379 ]

                                                                                                                                                                              كذلك قال علقمة ، والحسن ، وطاوس .

                                                                                                                                                                              وقال الزهري : ولي البكر .

                                                                                                                                                                              وقال مالك: هو الأب في ابنته البكر، أو السيد في أمته، وذلك الذي سمعت، والذي عليه الأمر عندنا ليس هو الزوج .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد في امرأة طلقها زوجها وهي بكر قبل أن يدخل بها، فعفا أبوها زوجها عن نصف الصداق قال: ما أرى عفو الأب إلا جائزا .

                                                                                                                                                                              وكان ابن عباس يقول: إن عفا وليها الذي بيده عقدة النكاح جاز وإن أبت، وهذا الإسناد أحسن من إسناد القول الذي بدأت بذكره . [ ص: 380 ]

                                                                                                                                                                              وقال ابن عباس : إن الله رضي العفو وأمر به، فإن عفت فذلك، وإن عفا وليها الذي بيده عقدة النكاح جاز وإن أبت .

                                                                                                                                                                              7266 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار قال: سمعت عكرمة مولى ابن عباس يقول: قال ابن عباس : إن الله رضي العفو وأمر به، فإن عفت فذلك، وإن عفا وليها الذي بيده عقدة النكاح جاز وإن أبت .

                                                                                                                                                                              وقد احتج بعض من يقول بالقول الأول أن الله قال: ( وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ) قال: فجعل اللواتي يؤتينه، ثم قال: ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) فجعل الفدية بالمال إليها، ثم زاد بيانا بقوله: ( فإن طبن لكم عن شيء منه [نفسا] ) الآية، فاشترط طيب أنفسهن، وأخرج الناس من ذلك سواهن .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية