الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر نكاح الربائب اللواتي في الحجور

                                                                                                                                                                              قال الله - جل ذكره - : ( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ) .

                                                                                                                                                                              فقال أكثر أهل العلم: إذا تزوج الرجل المرأة ثم طلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها حل له تزويج ابنتها .

                                                                                                                                                                              كذلك قال مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، [ ص: 484 ] والشافعي رحمه الله وأحمد وإسحاق ، وأبو عبيد، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول، وقد روي عن جابر بن عبد الله ، وعمران بن حصين أنهما قالا: إذا طلقها قبل أن يدخل بها تزوج ابنتها .

                                                                                                                                                                              7353 - ومن حديث ابن جريج ، عن إبراهيم، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: كانت عندي امرأة قد ولدت فتوفيت فوجدت عليها، فلقيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: ما لك؟ فقلت: توفيت المرأة. فقال: هل لها من ابنة؟ قلت: نعم. قال: كانت في حجرك. قلت: لا، هي بالطائف. قال: فانكحها. قلت: فأين قوله: ( وربائبكم اللاتي في حجوركم ) قال: إنها لم تكن في حجرك، وإنما ذلك إذا كانت في حجرك .

                                                                                                                                                                              7354 - وحدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال: أخبرني إبراهيم، عن مالك .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد دفع بعضهم هذا الحديث وقال: لا يثبت. قال: لإجماع أهل العلم من أهل الحجاز ، والعراق ، والشام، ومصر على خلاف هذه الرواية، واحتج في دفع هذا الحديث بحديث . [ ص: 485 ]

                                                                                                                                                                              7355 - حدثناه إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر وابن جريج قالا: حدثنا هشام بن عروة ، عن عروة، عن زينب ابنة أبي سلمة ، عن أم حبيبة، أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد خبرت أنك تخطب درة ابنة أبي سلمة . قال: "ابنة أبي سلمة ؟ " قالت: نعم. قال: "فوالله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأباها ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن" .

                                                                                                                                                                              حدثني علي، عن أبي عبيد قال: أفلا تراه صلى الله عليه وسلم نهى أزواجه أن يعرضن عليه بناتهن يعمهن، ولم يقل اللاتي في حجري، ولكنه سوى بينهن في التحريم .

                                                                                                                                                                              وقد روي عن زيد بن ثابت أنه كره أن يتزوج ابنة امرأة ماتت أمها عنده قبل أن يدخل بها .

                                                                                                                                                                              7356 - حدثنا موسى قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عفان قال: حدثنا همام ، عن قتادة قال: أخبرني عاصم بن سعيد الهذلي، عن سعيد بن المسيب ، أن زيد بن ثابت كان يكره ذلك . [ ص: 486 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا في معنى الدخول الذي (له) يحرم نكاح الربائب .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: الدخول الجماع. روي هذا القول عن ابن عباس ، وبه قال طاوس ، وعمرو بن دينار ، وعبد الكريم .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن الأم إذا أهديت إليه فكشف وفتش وجلس بين رجليها حرم عليه ذلك ابنتها هكذا قال عطاء ، وقال الزهري في الرجل يقبل أو يلمس؟ قال: أكره أمها وابنتها. وقال حماد بن أبي سليمان : إذا نظر الرجل إلى فرج امرأة فلا ينكح أمها ولا بنتها. وقال الأوزاعي : إذا دخل بأمها فعراها ولمسها بيده وأغلق بابا وأرخى سترا فلا يحل له نكاح ابنتها .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وإذا تزوج رجل بامرأة ودخل بها حرم عليه نكاح ابنتها، وابنة ابنتها وإن كان أسفل من ذلك ببطون كثيرة . [ ص: 487 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية