الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن إنكاح الأب لابنته البكر الصغيرة جائز إذا زوجها من كفؤ . [ ص: 283 ]

                                                                                                                                                                              كذلك قال مالك فيمن تبعه من أهل المدينة، وبه قال سفيان الثوري ومن قال بقوله من أهل العراق، وهو قول الليث بن سعد فيمن وافقه من أهل مصر، وكذلك قال الأوزاعي وأهل الشام، وهو قول عبيد الله بن الحسن ، والشافعي رحمه الله وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وحجتهم في ذلك حديث عائشة رضي الله عنها .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وكذلك نقول .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الجد يزوج ابنة ابنه فكان الشافعي رحمه الله والنعمان، ومحمد بن الحسن يقولون: يقوم الجد مقام الأب في تزويج الصغيرة .

                                                                                                                                                                              وحكي عن مالك أنه قال: لا ينكحها [إلا] الأب، وذلك أن نفقتها تلزم الأب، ولا تلزم الجد مع ما جاء في الأب من الأحاديث . [ ص: 284 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا في إنكاح سائر الأولياء اليتيمة الصغيرة .

                                                                                                                                                                              فكان مالك، والشافعي رحمه الله والماجشون عبد الملك ، وأبو عبيد، وأبو ثور يقولون: ليس لغير الأب أن يزوج اليتيمة الصغيرة، فإن فعل فالنكاح باطل، وهذا قول أحمد بن حنبل .

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول: لا يجوز إنكاح الأخ والعم الصغيرة إلا أن تكون قد بلغت فيستأمرها .

                                                                                                                                                                              وقال ابن أبي ليلى في الصغير يزوجه غير الأب: لا يجوز ذلك عليه حتى يدرك .

                                                                                                                                                                              وحكى أبو عبيد ، عن ابن أبي مريم ، عن مالك بن أنس : أنه كان يرى نكاح الولي الذي ليس بأب جائزا على الغلام، وكان يفرق بين الذكر والأنثى في ذلك، قال: لأن الغلام إذا أدرك كان الطلاق إليه، والجارية لا تقدر على ذلك .

                                                                                                                                                                              وحكى آخر من البصريين، عن مالك أنه قال: إذا زوج الصغيرين غير الأب فلهما الخيار إذا بلغا، إن أحبا افترقا فيكون تطليق .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إذا زوج الصغيرين غير الأب كان لهما الخيار إذا بلغا . [ ص: 285 ]

                                                                                                                                                                              روي هذا القول عن الحسن، وعمر بن عبد العزيز ، وطاوس، وعطاء بن أبي رباح ، وقتادة، وكذلك قال ابن شبرمة ، والأوزاعي، وكان أحمد بن حنبل يقول: لا أرى للولي ولا للقاضي أن يزوج اليتيمة حتى تبلغ تسع سنين فإذا بلغت تسع سنين فلا خيار لها .

                                                                                                                                                                              واختلف أصحاب الرأي في الرجل يزوج ابنة أخيه ابن أخيه وهما صغيران وهو وليهما ثم يكبران والجارية لا تعلم. فقال النعمان: لها الخيار ما لم تعلم بالنكاح، فإن علمت فإن سكتت فهو رضاها، وهذا قول محمد، وقال أبو يوسف : لا خيار لهما إذا كبرا والنكاح جائز .

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيه إن ماتا أو أحدهما قبل [أن] يبلغ فيختار، فقالت طائفة: لا يتوارثان، كذلك قال طاوس وإسحاق بن راهويه ، وكذلك مذهب الشافعي رحمه الله ووقف أحمد عن الجواب فيها فقال: لا أدري . [ ص: 286 ]

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يتوارثان .

                                                                                                                                                                              7203 - روي عن عروة بن الزبير أنه زوج ابنه صغيرا من ابنة مصعب بن الزبير صغيرة، فماتت قبل أن يبلغا فورثها .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان: إذا زوج ابنة أخيه ابن أخيه، وهو وليهما وهما صغيران فمات أحدهما قال: يرثه صاحبه .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: في الصغيرين أنكح أحدهما أبوه والآخر وليه ثم ماتا، فإن مات الذي أنكحه أبوه ورثه الآخر، وإن مات الذي أنكحه وليه لم يرثه الآخر. هذا قول قتادة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: النكاح في هذا باطل، ولا يتوارثان ماتا أو أحدهما .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية