الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              جماع أبواب من له أن يوصي ومن ليس له ذلك ذكر وصية الصبي والصبية

                                                                                                                                                                              أجمع أهل العلم على أن وصية الحر والحرة البالغين الجائزي الأمر جائزة، واختلفوا في وصية الصبي والصبية اللذين لم يبلغا .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: وصية غير البالغ جائزة .

                                                                                                                                                                              روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قيل له: إن هاهنا غلاما يفاعا من غسان وهو ذو مال، وله ابنة عم بالمدينة وقد أوصى لها، فأجاز عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصيته، والغلام ابن عشر سنين، أو ابن [اثنتي عشرة] سنة، وبيع المال بعد ذلك بثلاثين ألف درهم .

                                                                                                                                                                              7073 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه أن عمرو بن سليم الزرقي أخبره، عن أمه أنها قالت: قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن ها هنا غلاما يفاعا من غسان لم يحتلم، وهو ذو مال وورثته بالشام، وليس هاهنا إلا ابنة [عم] ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فليوص لها، فأوصى لها بمال يقال له بئر جشم. قال عمرو بن سليم : فبعت ذلك المال بثلاثين ألفا، وابنة عمه التي أوصى لها: أم عمرو بن سليم . [ ص: 150 ]

                                                                                                                                                                              7074 - أخبرنا محمد بن عبد الله أن ابن وهب أخبرهم قال: وأخبرني رجال من أهل العلم منهم مالك، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن حزم، عن عمرو بن سليم، عن أبيه أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن هاهنا غلاما يفاعا من غسان، وهو ذو مال، وله ابنة عم بالمدينة، وقد أوصى لها فأجاز عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصيته. قال أبو بكر: والغلام ابن عشر سنين، أو [اثنتي عشرة] سنة . [ ص: 151 ]

                                                                                                                                                                              وأجاز شريح وصية غلام حين ثغر لظئر له من أهل الحيرة بأربعين درهما .

                                                                                                                                                                              وممن رأى أن وصية الغلام العاقل الذي لم يحتلم جائزة: عمر بن عبد العزيز ، والزهري، وعطاء، وإبراهيم النخعي ، والشعبي .

                                                                                                                                                                              وقال شريح، وعبد الله بن عتبة : من أصاب الحق أجزنا وصيته .

                                                                                                                                                                              وقد روينا هذا المعنى عن عبد الملك بن مروان، وأبان بن عثمان .

                                                                                                                                                                              وكان مالك يجيز وصية ابن تسع سنين وابن عشر . [ ص: 152 ]

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي رحمه الله يقول: تجوز وصية كل من عقل الوصية من بالغ محجور وغير بالغ، لأنا إنما نحبس عليه ماله ما لم يبلغ رشده، فإذا صار إلى أن يتحول ملكه لغيره لم يمنعه أن يتقرب إلى الله في ماله بما أجازت له السنة من الثلث، ويقتصر بالوصية على الثلث .

                                                                                                                                                                              وكان أحمد يجيز وصية ابن عشر، وابن اثني عشر .

                                                                                                                                                                              وأجاز إسحاق وصية ابن اثني عشر لما يحتلم الغلام لهذا الوقت، وأما الجارية فإذا جازت على التسع جازت وصيتها لما تلد في العشر .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لا تجوز وصية الصبي حتى يبلغ. روي هذا القول عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                              7075 - حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا حفص، عن حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: لا يجوز عتق الصبي، ولا بيعه، ولا شراؤه، ولا وصيته، ولا طلاقه .

                                                                                                                                                                              وبه قال الحسن البصري ، ومجاهد، وأصحاب الرأي، والمزني . [ ص: 153 ]

                                                                                                                                                                              واختلف فيه عن النخعي فروى حماد عنه أنه قال: تجوز وصية الغلام .

                                                                                                                                                                              وروى مغيرة عنه أنه قال: لا تجوز وصيته حتى يحتلم .

                                                                                                                                                                              واختلف فيه عن الزهري : فروى عبد الرزاق ، عن معمر، عنه أنه قال: وصية الغلام جائزة إذا عقل .

                                                                                                                                                                              وروى عبد الأعلى، عن معمر، عنه أنه قال: ليست بجائزة إلا ما ليس بذي بال .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية