الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر نكاح الخصي

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن أحكام الخصي المجبوب، وغير المجبوب في ستر العورة في الصلاة والإمامة، وما يلبسه في حال الإحرام، وما يصيبه من الميراث ويسهم له من الغنائم أحكام الرجال . [ ص: 454 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا في نكاحه، فقال عامة أهل العلم: نكاحه جائز، وعليه أن يعلمها ولا يغرها. هذا قول الزهري ، وأهل المدينة ، وأهل الكوفة، والشافعي رحمه الله وعامة أهل العلم، وقد روي عن عمر أنه قال لخصي تزوج: أكنت أعلمتها؟ قال: لا، قال: فأعلمها ثم خيرها .

                                                                                                                                                                              7328 - حدثنا علي قال: حدثنا عمر بن طارق، عن يحيى، عن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن سليمان بن يسار أن ابن سندر تزوج امرأة وهو خصي، فقال له عمر: أكنت أعلمتها؟ قال: لا. قال: فأعلمها ثم خيرها .

                                                                                                                                                                              وقد روي عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا ينكح الخصي المرأة المسلمة. وعن علي أنه قال: لا يحل للخصي أن يتزوج امرأة عفيفة مسلمة. ولا يثبت ذلك [عنهما] . [ ص: 455 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : لا بأس بنكاح الخصي [إذا] بين ولم يغر، وذلك أنه رجل، وقال الله - جل ذكره - : ( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ) ، ولا أعلم اختلافا أن الذي يجب له من الميراث ميراث رجل .

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه أن المجبوب إذا نكح امرأة ولم تعلم أن لها الخيار إذا علمت .

                                                                                                                                                                              كذلك قال مالك والشافعي رحمه الله وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيما يجب لها إذا اختارت فراقه من الصداق .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: لها جميع الصداق، حكي هذا القول عن الزهري ، لم يذكر مجبوبا ولا غير مجبوب، وقال الشافعي : في المجبوب نصف المهر، لأنه ممن لا يجامع بحال، وقال في غير المجبوب: المهر كامل وعليها العدة. الحسن بن محمد عنه. وحكى أبو عبيد ، عن أهل العراق أنهم قالوا: الصداق كامل في غير المجبوب، وكذلك حكاه غير أبي عبيد عنهم، وقال أبو عبيد : في المجبوب وغير المجبوب الصداق كامل. وحكي ذلك عن الثوري . [ ص: 456 ]

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول: في المجبوب نصف الصداق .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: في المجبوب إذا خلا بها فعلمت بذلك فلها نصف الصداق في قول أبي يوسف، ومحمد ، قال: ويستحسن أن أجعل عليها عدة، والقياس أن لا يكون عليها عدة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : إذا لم تعلم أنه خصي مجبوب ثم علمت خيرت مكانها في قول الشافعي رحمه الله وأصحاب الرأي، و [ أبي] ثور .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية