الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر [العين] والدين

                                                                                                                                                                              وإذا مات الرجل، وأوصى بثلثه، وترك ابنين لا وارث له غيرهما، وترك عشرين درهما منها عشرة عين، وعشرة دين على أحد ابنيه، فإن الموصى له يأخذ من ثلثها، ويأخذ الابن الذي ليس عليه شيء الثلثين، ويكون للموصى له من الدين ثلثه على الابن الآخر. وقد استوفى صاحب الدين ميراثه منه. هذا قول أبي ثور .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: تقسم العين على اثنين، فيعطى الموصى له [ ص: 201 ] خمسة، ويعطى الابن الآخر خمسة، ويحسب لصاحب الدين نصيبه مما عليه ستة وثلثين، ويؤدي ثلاثة وثلثا فما خرج منها من شيء اقتسماه نصفين .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وذكر أبو ثور قول الكوفي، وقال: هذا خطأ من القول، وذلك أن الدين لو كان على غير الابن لم يكن للموصى له إلا ثلث العين، وكان الثلثان للابنين، ولا يكون للموصى له إلا بقدر ما لو كان الدين على أجنبي. قال: ولا أعلم خلافا في رجل أوصي له بالثلث، وترك الميت عينا ودينا أن للموصى له ثلث العين وثلث الدين، وإذا كان هذا الاختلاف فيه، فكيف يعطى الموصى له نصف العين، وإنما له الثلث، وإذا أوصي له بالربع كان له من العين ربعه ومن الدين ربعه، وهذا الباب كله على مثل هذا المثال لا يعطى الموصى له من العين إلا بقدر ما أوصي له. هذا قول أبي ثور .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : الفريضة من ثمانية، والوصية اثنان ولكل واحد من الاثنين ثلاثة ما طرح نصيب الذي عليه الدين، وأقسم العين على خمسة، فأعطي الموصى له اثنين، والابن ثلاثة، ويحسب للذي عليه الدين نصيبه من الدين سبعة ونصف، ويؤدي اثنين ونصفا، فما خرج من ذلك من شيء فهو بينهما على خمسة .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : ولو أوصى بدرهم أو بدرهمين أو ثلاثة أو أربعة، أو ما كان من شيء حتى يبلغ الثلث، وله عين ودين لم يكن للموصى له إلا بقدر ما يلزم العين، فإن زاد لم يكن على الورثة أن يعطوه [ ص: 202 ] إلا بقدر ثلث العين، ويكون الباقي في الدين، ويقسمون العين على قدر وصاياهم .

                                                                                                                                                                              وفي قول أصحاب الرأي: إذا أوصى بدرهم أو باثنين أو ثلاثة أو بأربعة أو بخمسة، فإنه يأخذ هذه الوصية كلها من العين من قبل أن صاحب الوصية يضرب بالثلث حتى يستوفي، فيكون [للابن] ما بقي، ويرفع نصيب الذي عليه الدين من ماله عليه، ويؤدي إلى أخيه نصيبه مما بقي عليه من ماله .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : وإذا أوصي لرجل بالثلث ولآخر بالربع - والمسألة على حالها - كان لأهل الوصية ثلث العين يقتسمونه بينهما على سبعة، فيضرب صاحب الثلث فيه بأربعة وصاحب الربع فيه بثلاثة .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: يأخذ أهل الوصية نصف العين، ويقسمونه على سبعة .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : وإذا أوصى بثلث العين لرجل، وربع العين والدين لآخر كان لصاحب الثلث والربع ثلث العين، يضربان فيه على سبعة يأخذ صاحب الثلث أربعة، وصاحب الربع ثلاثة، وكان ربع الدين لصاحب الدين خاصة .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: لأهل الوصية من العين خمسة من قبل أنهم يضربون بثلث العين والدين جميعا، وذلك خير لهم من أن يضربوا بربع العين والدين، فنصيبهم خمسة، والابن خمسة، فما أصاب صاحب [ ص: 203 ] الوصية فهو بينهم على ثمانية : لصاحب الثلث ما أصاب ثلثه، ولصاحب ربع العين والدين خمسة، ويحسب الابن الذي عليه الدين نصيبه مما عليه من الدين ستة وثلاثين، وما بقي فبين الابن الآخر وصاحب الوصية فما أصاب صاحب الوصية اقتسموا بينهم على ما ذكرت لك .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية