الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الوصية للقرابة وترك الوصية لهم

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوصية للوالدين اللذين لا يرثان المرء، والأقرباء الذين لا يرثونه جائزة لا أعلمهم يختلفون فيه .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يوصي للأجنبيين ويدع أن يوصي لقرابته الذين لا يرثونه .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: وصيته حيث جعلها. هذا قول سالم بن عبد الله بن عمر، وسليمان بن يسار ، وعطاء، ومحمد بن سيرين .

                                                                                                                                                                              وقال عبيد الله بن عبد الله بن معمر في الوصية: من سمى جعلناها حيث سمى، ومن قال: حيث أمر الله جعلناها في قرابته .

                                                                                                                                                                              وقال سعيد بن المسيب : من أوصى فسمى أعطينا من سمى .

                                                                                                                                                                              وبه قال الزهري .

                                                                                                                                                                              وممن رأى أن الوصية تمضي وإن أوصى لغير قرابته: مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي، والشافعي وأحمد [ ص: 20 ] وإسحاق وأبو ثور، والنعمان وأصحابه، وهذا قول عوام أهل الفتيا من علماء الأمصار .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن من أوصى وترك ذوي قرابته، انتزعت منهم وردت على قرابته. هذا قول طاوس وقال: فإن لم يكن في أهله فقير فلأهل الفقر من كانوا .

                                                                                                                                                                              وقال الحسن وعبد الملك بن يعلى : ترد على قرابته .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن يحاز للذي أوصى له من ذلك ثلث الثلث، ويرد ثلثا الثلث إلى قرابة الموصي. هذا قول سعيد بن المسيب ، وجابر بن زيد، وبه قال إسحاق، وقد روي ذلك عن الحسن البصري فصار للحسن في هذه المسألة قولان، وقد احتج الشافعي وأحمد في إجازة الوصية لغير الأقربين بحديث عمران بن الحصين .

                                                                                                                                                                              7012 - حدثنا يحيى بن محمد قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن الحصين أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد في مرضه لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فدعاهم فجزأهم، ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا . [ ص: 21 ]

                                                                                                                                                                              وفي الحديث الذي فيه ذكر قوله: "لا وصية لوارث" دليل على إباحة الوصية لغير الوارث من كان قريبا أو بعيدا .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ويدل على صحة هذا القول حديث أبي قتادة .

                                                                                                                                                                              7013 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أمه، عن أبيه (قال: لما قدم) النبي صلى الله عليه وسلم المدينة سأل عن البراء بن معرور فقيل له: إنه قد هلك وقد أوصى لك بثلث ماله، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيته، ثم ردها على ورثته . [ ص: 22 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية