الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الرجل يغر بالعيب يكون بالمرأة

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة ثم يظهر على جنون، أو جذام، أو برص بها. فقالت طائفة: له الخيار، فإن علم به قبل الدخول فارقها ولا شيء عليه، وإن لم يعلم ذلك حتى دخل فعليه المهر، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                              7301 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج والثوري ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال: سمعته يقول: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أيما امرأة زوجت وبها جنون أو جذام أو برص - قال ابن جريج : لا أدري بأيهن بدأ - فدخل بها ثم اطلع على ذلك، فلها مهرها - قال ابن جريج : بمسيسه إياها، وعلى الولي الصداق بما دلس كما غره .

                                                                                                                                                                              7302 - أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله قال: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد ، عن ابن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها، وذلك لزوجها غرم على وليها . [ ص: 424 ]

                                                                                                                                                                              7303 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري، عن إسماعيل، عن الشعبي ، عن علي قال: يرد من القرون والجذام والبرص، فإن دخل بها فعليه المهر، إن شاء طلق، وإن شاء أمسك، وإن لم يدخل بها فرق بينهما .

                                                                                                                                                                              وبه قال جابر بن زيد ، وكذلك قال مالك والشافعي رحمه الله وإسحاق في هذه العيوب، وفي العيب في الفرج. وقال أبو ثور في الجنون والجذام والبرص كذلك. وبه قال أبو عبيد . وقال جابر بن زيد ، والأوزاعي في العقل كذلك .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن الحرة لا ترد من عيب كما ترد الأمة. كذلك قال النخعي ، وسفيان الثوري ، وأصحاب الرأي . [ ص: 425 ]

                                                                                                                                                                              وروي عن علي قول ثان يوافق هذا المذهب .

                                                                                                                                                                              7304 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب النيسابوري قال: أخبرنا يعلى : قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن علي قال: أيما رجل تزوج امرأة فدخل بها فوجدها مجنونة أو برصاء أو جذماء أو بها قرن، فهي امرأته إن شاء أمسك، وإن شاء طلق .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العيب يكون بالزوج .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: لها من الخيار في ذلك مثل ما للرجل، وذلك أن يكون به جنون أو جذام أو برص. كذلك قال الزهري ، والشافعي رحمه الله وروي عن ابن المسيب أنه قال في المجنون: تنزع منه أو يجبر، وعن عبد الملك بن مروان : أنه فرق بينهما في جذام حدث بالرجل قبل الدخول بها .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن لا شيء لها وهو أحق بها. كذلك عطاء ، وكذلك قال الحسن في البرص. وكان مالك يفرق بين البرص والجذام، فكان يقول في الجذام: أرى أن يفرق بينه وبين امرأته. وقال في البرص: لا يفرق بينهما . [ ص: 426 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية