واختلف أهل العلم فيمن ملك من الورق حليا مما تجب عليه فيه الزكاة لو كان دراهم مضروبة   [ ص: 263 ]  . 
فقال قائلون : لا زكاة عليه فيه ، وممن قال ذلك منهم  مالك بن أنس ،   ومحمد بن إدريس الشافعي .  
وقد روي ذلك عن  عائشة ،  وعن  عبد الله بن عمر ،  وعن  جابر بن عبد الله .  
 526  - حدثنا يونس ،  قال : أخبرنا  ابن وهب ،  أن  مالكا  أخبره ، عن  نافع ،  عن  ابن عمر   " أنه كان يحلي بناته وجواريه الذهب ، ثم لا يخرج منه الزكاة   " . 
 527  - حدثنا يونس ،  قال : أخبرنا  ابن وهب ،  أن  مالكا  أخبره ، عن  عبد الرحمن بن القاسم ،  عن أبيه ، أن  عائشة  رضي الله عنها ، كانت " تلي مال أخيها يتامى في حجرها ، لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة " .  
 528  - حدثنا  أبو بكرة ،  قال : حدثنا إبراهيم بن يسار الرمادي ،  قال : حدثنا  سفيان بن عيينة ،  عن  عمرو بن دينار ،  عن  جابر بن عبد الله ،  أنه سئل عن الحلي أفيه زكاة ؟  فقال : لا فقال له إسماعيل بن عبد الرحمن بن خالد المخزومي :   " وإن كان ألف دينار ؟ فقال : ألف دينار كثير أو كبير " . 
 529  - حدثنا علي بن شيبة ،  قال : حدثنا  أبو نعيم ،  قال : حدثنا  سفيان الثوري ،  عن  عمرو بن دينار ،  عن  جابر بن عبد الله ،  أنه سئل عن الحلي أفيه زكاة ؟  فقال : لا فقال له رجل : وإن كان ألف دينار ؟ ، فقال : ألف دينار كثير " . 
وقال قائلون : الزكاة واجبة فيه كما تجب فيه لو كان عينا ، وممن قال بذلك منهم  أبو حنيفة ،   وزفر ،   وأبو يوسف ،  ومحمد بن الحسن . 
وقد روي ذلك عن  عمر بن الخطاب ،   وابن مسعود .  
 530  - حدثنا  أبو بكرة ،  قال : حدثنا  أبو عمرو الضرير ،  قال : أخبرنا  سفيان بن عيينة ،   [ ص: 264 ] عن مساور الوراق ،  عن شعيب بن يسار ،  قال : كتب  عمر  إلى  أبي موسى  من نساء المؤمنين " فليتهادين بينهن وليزكين حليهن   " . 
 531  - حدثنا أبو بكر ،  قال : حدثنا  أبو داود الطيالسي ،  قال : حدثنا  هشام بن أبي عبد الله ،  عن حماد ،  عن إبراهيم ،  أن امرأة  ابن مسعود ،  قالت له " إن لي حليا أفأزكيه ؟  قال : نعم ، قالت : فأعطيه ابن أخي أو ابن أختي ؟ قال : نعم " . 
وكان حديث إبراهيم  هذا عن  ابن مسعود ،  وإن لم يذكر من بينه وبينه ، عندنا في حكم المتصل عنه وذلك . 
 532  - أن  إبراهيم بن مرزوق ،  حدثنا ، قال : حدثنا  وهب بن جرير  أو بشر بن عمر بن جعفر ،  يشك ، قال : حدثنا  شعبة ،  عن  الأعمش ،  قال : قلت لإبراهيم :  إذا حدثتني فأسند ،  قال : " إذا قلت : قال لي  عبد الله  فهو الذي حدثني . 
وقد روى  سفيان بن سعيد الثوري  هذا الحديث عن حماد ،  عن إبراهيم ،  عن علقمة بن عبد الله ،  فوصله . 
 533  - حدثنا  يحيى بن عثمان بن صالح ،  قال : حدثنا  نعيم بن حماد ،  قال : أخبرنا  ابن المبارك ،  قال : حدثنا  سفيان الثوري ،  عن حماد ،  عن إبراهيم ،  عن علقمة ،  عن  عبد الله  أن امرأته سألت عن الحلي لها ، فقال : " إذا بلغ مائتي درهم ففيه الزكاة " . 
قالت : أفأضعها في بني أخ لي يتامى في حجري ؟ فقال : " نعم " . 
وكان هذا القول في القياس أولى القولين عندنا ، لأنا قد رأينا الزكاة واجبة نقر الفضة كهي في الدراهم المضروبة ، وإنما اختلفوا فيها إذا صيغت حليا ، هل تخرج عن حكمها الذي كانت عليه قبل ذلك أو تبقى على ذلك الحكم ؟ . 
فرأيناهم لا يختلفون فيها إذا صيغت دراهم أنها لا تخرج بذلك عن حكمها الذي كانت عليه قبل أن تصاغ دراهم ، فالقياس على ذلك أن تكون إذا صيغت حليا ، ألا تخرج بذلك عن حكمها الذي كانت عليه قبل أن تصاغ حليا . 
وقد رأينا ما قد أجمعوا على أن لا زكاة في مصوغه ، أنه لا زكاة على النقر منه ، من  [ ص: 265 ] ذلك الحديد ، والنحاس ، لا زكاة في مصوغهما ، ولا في النقر منهما . 
وفي ثبوت وجوب الزكاة في نقر الفضة  دليل على ثبوت وجوبها في مصوغهما حليا ودراهم وغير ذلك . 
وقد شبه قوم الحلي بالعوامل من الإبل والبقر ، فقالوا : لا تجب في المستعمل من الإبل والبقر الزكاة ، فكذلك لا تجب في الحلي المستعمل الزكاة ، وكان هذا عندنا غلطا من الشبه بين ذلك ، وذلك أن الحلي لم ينتقل بأن صار حليا عن حكم ما كان عليه قبل أن يكون حليا ، بل قد ثبتت أحكامه على ما كانت عليه قبل ذلك . ألا ترى أنه لا يجوز بيعه بجنسه من الذهب والفضة إلا مثلا بمثل ، ولا بغير جنسه منهما إلا يدا بيد . 
وأما العوامل فإن الزكاة لم تكن واجبة في أصلها كما وجبت في أصل الذهب والفضة ، وإنما وجبت الزكاة فيهما بمعنى طرأ عليها من إسامة ما إليها إياها ، فوجبت الزكاة ما كانت سائمة لعلة الإسامة لها ، لا لها في نفسها ، فإذا بطلت العلة التي وجبت الزكاة فيها من أجلها رجعت إلى حكم أصلها ، وبطلت الزكاة عنها .
هذا على قول من لا يوجب في العوامل من الإبل والبقر الزكاة وممن قال بذلك :  أبو حنيفة ،   وسفيان الثوري ،   وزفر ،   وأبو يوسف ،  ومحمد ،  والشافعي .  
وأما من يوجب في أصل العوامل من الإبل والبقر الزكاة وهم :  مالك  والليث  ومن تابعهما على ذلك ، فيوجبون الزكاة فيها بعد انقطاع الإسامة عنها كما كانت واجبة فيها قبل الإسامة . 
				
						
						
