الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  ثم قال - عز وجل - : ( فعدة من أيام أخر ) ، فاختلف أهل العلم في المراد بهذا ، فقالت طائفة منهم : أن يصام في أخر متتابعة كما كان يصام في عين الشهر متتابعا ، وممن قال ذلك منهم مالك ، غير أنه كان يقول : وإن صامه متفرقا أجزأه عنه ، غير أن المتتابع في ذلك أحب إليه .

                  وقالت طائفة منهم : هو أن يصام في أيام أخر ، إن شاء الذي يصومها تابعها ، وإن شاء فرقها ، ولم يفضلوا في ذلك صومه إياها متتابعا على صومه إياها متفرقا ، وممن ذهب إلى ذلك : أبو حنيفة ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي .

                  وقد روي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك اختلاف ، فروي عن علي ، وابن عمر ما يوافق ما ذكرنا عن مالك .

                  829 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي في قضاء رمضان متتابعا .

                  830 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا جبارة بن المغلس ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي - رضي الله عنه - ، قال : " اقض رمضان متتابعا ، فإن فرقت أجزأ عنك " .

                  831 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثني حنظلة ، أنه سمع سالما يحدث ، عن أبيه ، أنه كان يقول في قضاء رمضان : " لا تفرقه " .

                  832 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان " يأمر بقضاء رمضان متتابعا " . [ ص: 400 ] .

                  833 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرنا الليث ، أن نافعا حدثه ، أن ابن عمر كان " يكره أن يفرق قضاء رمضان ، أو يقطع بينه " .

                  فدل قول نافع أن مذهب ابن عمر في التتابع في ذلك كمذهب علي فيه ، وأنه على الاستحسان ، لا على الإيجاب لمذهب مالك الذي حكيناه عنه في ذلك .

                  وقد روي عن آخرين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ما يوافق ما ذكرناه عن أبي حنيفة ، ومن ذكرناه معه في ذلك .

                  834 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثني عمي ، وحدثنا فهد ، وعلي بن عبد الرحمن ، قالا : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال كل واحد من ابن وهب ومن عبد الله بن صالح : حدثني معاوية بن صالح ، عن أزهر بن سعيد ، عن أبي عامر الهوزي ، أنه قال : سمعت أبا عبيدة ، يقول إذا سئل عن قضاء رمضان : " أنه لم يرخص لكم في فطره ، وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه أحص العدة واصنع كيف شئت " .

                  835 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، حدثنا فهد ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال كل واحد منهما : حدثني معاوية بن صالح ، عن أبي عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن مالك بن يخامر ، عن معاذ بن جبل ، أنه كان يقول في قضاء رمضان : " أحصوا العدة واصنعوا كيف شئتم في القضاء " .

                  836 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : حدثنا حفص ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، قالا : " لا بأس بقضائه متفرقا " .

                  837 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، مثله .

                  838 - حدثنا إبراهيم ، حدثنا حيان بن هلال ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : حدثنا أبي ، عن بكر بن عبد الله ، عن أنس ، أنه كان " لا يرى بأسا بقضاء رمضان متفرقا " .

                  839 - حدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثنا شعبة ، عن [ ص: 401 ] عبد الحميد ، عن جدته ، قالت : سمعت رافع بن خديج ، يقول في قضاء رمضان : " أحصي العدة وصومي كيف شئت " .

                  840 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، أنه سمع أبا يزيد الحساني ، يقول : غزونا مع عمرو بن العاص غزوة الطرابلس ، فجمعنا المجلس يوما ، ومعنا هبيب بن مغفل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرنا قضاء رمضان ، فقال هبيب : " لا يفرق قضاء رمضان .

                  فقال عمرو : لا بأس أن يفرق .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية