الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقال آخرون : تجب الزكاة في الدين لحلول واحد ، وإن أقام على الذي هو عليه أحوالا كثيرة . ورووا ذلك عن ابن عمر .

                  543 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا عبد الله بن نافع المدني ، عن عاصم العمري ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، أنه قال : " ليس في الدين زكاة حتى يقضيه ، فإذا اقتضاه زكاه زكاة واحدة " .

                  544 - حدثنا أبو بكرة ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الرحمن بن السائب ، قال : " كان عند ابن عمر مال يتيم فكان يسلفه ، لئلا يخرج منه الزكاة " .

                  وقد روينا عن ابن عمر في حديث تقدم منا في كتابنا هذا ، فهذان قولان مختلفان في هذا الباب قد روينا عن ابن عمر .

                  فأما حديث عبد الرحمن بن السائب فيحتمل عندنا أن يكون موافقا لحديث عاصم العمري ، وأن يكون الذي قصد إليه ابن عمر في سقوطه عن مال اليتيم من الزكاة بالسلف الذي كان يفعله في ماله زكاة كل الأحوال التي تأتي عليه في حال السلف غير زكاة حول واحد .

                  ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيه ، فوجدناهم قد أجمعوا على أن الدراهم قبل أن تكون دينا تجب فيها الزكاة ، فإذا صارت دينا اختلفوا في ذلك . فقائل منهم يقول : هي على حكمها في وجوب الزكاة فيها [ ص: 275 ] .

                  وقائل يقول : قد زال ذلك الحكم عنها ، وبطلت الزكاة عنها . وكان أولى الأشياء ما في ذلك أن نقرها على حكمها الذي كانت عليه قبل اختلافهم فيها حتى تقوم الحجة بزوال ذلك الحكم عنها مع أنا قد رأينا الدين الذي في الذمم له حكمه لو كان عينا ، من ذلك أنه يورث كما يورث لو كان عينا . وتجوز هبته الذي هو عليه كما تجوز هبته له قبل أن يكون دينا ، ويباع به من الذي هو عليه كما يباع به منه قبل أن يكون دينا وتلحقه الوصايا ممن هو له كما كانت تلحقه قبل أن يكون دينا . فكان تحوله من العين إلى الذمة لم يحدث فيه حدثا يغير أحكامه عما كانت عليه قبل ذلك فيما ذكرنا .

                  وكان القياس على ذلك ألا يقر أحكامه في وجوب الزكاة فيه .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية