الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقال قائلون منهم : تجب الزكاة في عروض التجارة ، كان الذي هي له يديرها ، ولا يديرها أو كان يبيعها بالعروض خاصة وبما سواها من العيون ، أو كان الذي هي له مال عين سواها ، أو لم يكن له مال عين سواها . وممن قال بذلك منهم أبو حنيفة ، وسفيان ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي [ ص: 282 ] .

                  حدثنا محمد بن العباس ، عن علي بن معبد ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة بما ذكرناه عنه من ذلك وعن علي ، عن محمد ، عن أبي يوسف بما ذكرناه عنه من ذلك . وعن علي ، عن محمد بما ذكرناه عنه من ذلك .

                  وحدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا يحيى بن سليمان ، عن الحسن بن زياد ، عن زفر ، وأبي يوسف بما ذكرناه عنهما من ذلك .

                  وحكى لنا المزني ، عن الشافعي ما ذكرناه عنه من ذلك .

                  وقد روي في ذلك عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما :

                  562 - قد حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن أبي عمرو بن حماس ، " أن أباه حماسا كان يبيع الحصاب والأدم ، فمر بعمر بن الخطاب ، فقال : يا حماس ، أد زكاة مالك . فقال : مالي مال ، إنما أبيع الحصاب والأدم ، فقال : أقمه قيمته ثم أد زكاته " .

                  563 - وما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن عمرو بن الحارث ، والليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي عمرو بن حماس ، عن أبيه حماس ، أنه كان يبيع الجلود والقرون ، فإذا فرغ منها اشترى مثلها ، فلا يجتمع عنده أبدا ما تجب فيه الزكاة ، فمر به عمر بن الخطاب وعليه جلود يحملها للبيع ، فقال له : " زك مالك يا حماس ، فقال : ما عندي شيء تجب فيه الزكاة فقال : قوم ما عندك فأد زكاته " .

                  564 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا الحسن بن الربيع ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : " ما كان من مال ، أو بر ، أو دقيق ، أو دواب للتجارة ففيه الزكاة كل عام " .

                  وكان القول الذي حكيناه عن أبي حنيفة ، وسفيان ، ومن تابعهم أولى القولين عندنا ، وهو موافق لما رويناه عن عمر ، وعن ابن عمر في ذلك [ ص: 283 ] .

                  ولا نعلم قائلا من الصحابة قال بالقول الذي حكيناه عن مالك في هذا الباب ، ولا نحفظه عن أحد من التابعين ، ولم نجد له أصلا على أنه لو كان له أصل كأصل القول الذي حكيناه عن أبي حنيفة ، وسفيان ، وقد قال به من الصحابة مثل من قال منهم مثل ما قاله أبو حنيفة ، وسفيان في ذلك ، لكان النظر يوجب ما ذهب إليه أبو حنيفة ، وسفيان في ذلك . وذلك إنا رأينا العروض التي للتجارات لا تخلو من أحد وجهين :

                  إما أن تكون من حكم الأموال العين التي تجب فيه الزكوات ، فتجب فيها الزكاة في كل عام كما تجب في الأموال العين .

                  أو تكون في حكم العقار والعروض التي لغير التجارة فلا تجب فيها الزكاة على حال ، فإذا باعها صاحبها استقبل بثمنها حولا كما يستقبل من العروض التي لغير التجارة إذا باعها .

                  فلما أجمعوا على أنه يزكي منها إذا باعها ، أو إذا باع بعضها وصار ثمن ما باع من ذلك عينا في يده دل ذلك على أنها من أموال الزكوات ، وإذا كانت من أموال الزكوات وجبت الزكاة فيها كل عام . وفي ترك عمر سؤال حماس : هل يدير أو لا يدير ، أو ينتفع بعروض أو بعين ، وأمره إياه بتقويم ماله ، وأداء الزكاة عنه دليل على استواء أحكام ذلك عنده .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية