الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  كتاب الاعتكاف [ ص: 460 ] [ ص: 461 ]

                  قال الله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) فاختلف أهل العلم في المساجد المقصودة بهذه الآية إليها ، وبإباحة الاعتكاف فيها ، فقال قوم : هي المسجد الحرام ، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسجد بيت المقدس دون ما سواها من المساجد ورووا في ذلك ما :

                  1038 - حدثنا محمد بن سنان ، قال : حدثنا هشام بن عمار ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن جامع بن أبي راشد ، عن أبي وائل ، قال : قال حذيفة لعبد الله : عكوف بين دارك وبين دار أبي موسى ، لا تغير ؟

                  وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسجد بيت المقدس " .

                  قال عبد الله : لعلك نسيت وحفظوا ، وأخطأت وأصابوا .


                  1039 - وما حدثنا أبو بكرة ، قال : حدثنا سعيد بن عامر ، عن شعبة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، أن حذيفة دخل على ابن مسعود ، فقال : " إني مررت بناس بين دارك ودار أبي موسى قد اعتكفوا .

                  فقال ابن مسعود : لعلك نسيت وحفظوا ، وأخطأت وأصابوا ، وعلموا وجهلت ، قال : فقال : أما بلغك أنه لا اعتكاف إلا في مسجد نبي ، أو إلا في ثلاثة مساجد : مسجد المدينة ، ومسجد الحرام ، ومسجد بيت المقدس " .


                  وقال : قوم : هي المساجد كلها التي يؤذن فيها ويقام ، وممن قال ذلك : أبو حنيفة ، ومالك ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد حدثنا سليمان ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف بذلك .

                  قال محمد : وهو قولنا .

                  1040 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : قال مالك : لا أرى في الاعتكاف في كل مسجد أقيمت فيه الصلاة بأسا قال الله - عز وجل - : ( وأنتم عاكفون في المساجد ) كلها ولم يخص شيئا منها [ ص: 462 ] .

                  هكذا حدثنا الربيع ، عن ابن وهب ، عن مالك .

                  وأما يونس : فحدثنا ، عن ابن وهب ، قال : قال مالك : الأمر الذي عندنا لا اختلاف فيه ، أنه لا يكره الاعتكاف في كل مسجد تجمع فيه الجمعة .

                  قال : ولا أراه كره الاعتكاف في المساجد التي لا تجمع فيها الجمعة إلا كراهية أن يخرج المعتكف من مسجده الذي اعتكف فيه ، إلى الجمعة أو يدعها .

                  قال : وقال مالك : فإن كان ذلك مسجدا لا تجمع فيه الجمعة ، ولا يجب على صاحبه إتيان الجمعة في مسجد سواه ، فإني لا أرى بأسا بالاعتكاف فيه لأن الله عز وجل ، قال : ( وأنتم عاكفون في المساجد ) ، فعمم عز وجل المساجد كلها ، ولم يخصص منها شيئا ، قال مالك : فمن هنالك جاز له أن يعتكف في المسجد الذي لا تجمع فيه الجمعة ، إذا كان لا يجب عليه أن يخرج منه إلى المسجد الذي تجمع فيه الجمعة .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية