الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  ولما اضطرب هذا الحديث وقد ذكرنا صلاة القاعد ، أردنا أن ننظر في كيفيتها ، فوجدنا أهل العلم في ذلك على أقوال .

                  أما أحدها وهو مذهب أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، فإنه يصلي متربعا ، ثم يركع في تربعه ، فإذا أراد السجود حل تربعه وسجد .

                  وأما أحدها أيضا ، فإنه يقعد فيها كما يقعد في التشهد في الصلاة ، وممن قال ذلك منهم زفر .

                  وأما أحدها أيضا فإنه يصلي متربعا ، فإذا أراد الركوع حل تربعه ثم ركع ، وقد روي هذا القول عن زفر أيضا .

                  ولما اختلفوا في ذلك نظرنا في الآثار المروية في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نجد فيها إلا ما :

                  449 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، قال : حدثنا شريك بن عبد الله النخعي ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن مولى السائب ، عن السائب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير متربع " .

                  فلو ثبت لنا هذا الحديث كرهنا أن يصلي الرجل متربعا ، ولكنه حديث لم يثبت ، لما بين مجاهد وبين السائب ، ولما يتكلمون فيه من ضعف ابن مهاجر ، وقد رواه من هو نظير ابن مهاجر ، وهو ليث بن أبي سليم فلم يتجاوز به مجاهدا .

                  450 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن شيبة الخدري ، قال : حدثنا شريك ، عن إبراهيم يعني ابن مهاجر ، عن مولاه السائب ، عن عائشة رضي الله عنها ، رفعته قالت : " صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير متربع " .

                  451 - حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا الخصيب ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : " الصلاة قاعدا على النصف من صلاة غير المتربع " . [ ص: 234 ] ولما لم يثبت لنا في هذا شيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظرنا فيما روي عن أصحابه فيه فإذا سليمان قد حدثنا ، قال :

                  452 - حدثنا الخصيب ، قال : حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي ، عن الحصين ، عن الهيثم بن شهاب ، قال : قال عبد الله : " لأن أجلس على رضفتين أحب إلي من أن أتربع في الصلاة " .

                  وكان هذا مما احتج به من كره الصلاة متربعا ، وقد يجوز أن يكون إنما أراد بذلك التربع في التشهد بغير علة .

                  453 - وقد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا عباد بن عباد المهلبي ، عن عاصم ، وهشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، أنها " رأت أم سلمة تصلي متربعة من رمد كان بها " .

                  فهذه أم سلمة قد كانت تصلي متربعة ، ولا نعلم عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلافا لها في ذلك ، إلا ما قد ذكرناه عن ابن مسعود مما قد يحتمل ما قد ذكرناه فيه .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية