الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين )

                  قال الله - عز وجل - : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله ) .

                  فأما الفقر فهو ضد الغنى ، وليس بأن يكون الذي يقع عليه هذا الاسم ، لا يملك شيئا ، [ ص: 357 ] ولكنه على من لا يملك ما يكون به غنيا وقد اختلف أهل العلم في المقدار الذي إذا ملكه الرجل دخل به في حكم الغنى ، وخرج به من حكم الفقر ، وحرمت عليه الصدقة ، فقالوا في ذلك أقوالا مختلفة .

                  وروى كل فريق منهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ما يوافق مذهبه ، فطائفة منهم تقول : من كان عند أهله ما يغديهم أو ما يشبعهم حرمت بذلك عليه الصدقة ، وخرج به من الفقر ، ومن كان عند أهله دون ذلك ، أو كان لا شيء عند أهله كان من الفقراء الذين تحل لهم الصدقة وروى أهل هذا القول ما احتجوا به لمذهبهم حديث سهل بن الحنظلية ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                  743 - حدثنا عبد الملك بن مرزوق الرقي ، قال : حدثنا أيوب بن سويد ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : حدثني ربيعة بن يزيد ، عن أبي كبشة السلولي ، قال : حدثني سهل بن حنظلة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " من سأل الناس عن ظهر غنى فإنما يستكثر من جمر جهنم " .

                  قلت : يا رسول الله ، وما ظهر غنى ؟ قال : " أن يعلم عند أهله ما يغديهم أو ما يشبعهم " .


                  744 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا بشر بن بكر ، عن ابن جابر ، ثم ذكر بإسناده مثله .

                  قالوا : وقد دل هذا الحديث على الفقر الذي به تحل الصدقة ، وعلى الغنى الذي تحرم به الصدقة .

                  وطائفة منهم يقولون : من ملك أوقية ، وهي أربعون درهما ، أو عدلها من الذهب فهو غني ، والصدقة عليه حرام ومن كان لا يملك من الورق أوقية ، ولا من الذهب عدلها فهو فقير ، والصدقة له حلال ، وروى أهل هذا القول ما احتجوا به حديثا عن رجل من بني أسد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :

                  745 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء [ ص: 358 ] بن يسار ، عن رجل من بني أسد ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعته يقول لرجل يسأله : " من سأل منكم وعنده أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا " والأوقية يومئذ أربعون درهما .

                  قالوا : فقد دل هذا الحديث على الغني الذي تحرم عليه الصدقة ، وعلى الفقير الذي تحل له الصدقة .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية