الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  قد روي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من تحريم الصدقة عليهم ما يوافق ما رواه عبد الله بن عباس ، ويخالف ما رواه عنه عكرمة ، فمن ذلك .

                  787 - أن إبراهيم بن مرزوق حدثنا ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن يزيد بن أبي مريم ، عن أبي الجوزاء السعدي ، قال : قلت للحسن بن علي : ما تحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

                  قال : أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فجعلتها في في ، فأخرجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلعابها ، فألقاها في التمر ، فقال رجل : يا رسول الله ، ما كان عليك في هذه التمرة لهذا الصبي ، فقال : " إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة " .


                  788 - حدثنا أبو بكرة ، وإبراهيم بن مرزوق ، قالا : حدثنا أبو عاصم ، عن ثابت بن عمارة ، عن ربيعة بن شيبان وهو أبو الجوزاء ، قال : قلت للحسن بن علي ، ثم ذكر مثله ، إلا أنه قال : " إنها لا تحل لمحمد ولا لأحد من أهله .

                  789 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، قال : حدثنا جويرية بن أسماء ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، حدثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ، حدثه ، قال : اجتمع ربيعة بن الحارث ، والعباس بن عبد المطلب ، فقالوا : بعثنا هذين الغلامين لي وللفضل بن عباس على الصدقة ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصابا ما يصيب الناس .

                  قال : فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما ، فذكرا له ذلك ، فقال علي : لا تفعلا ، فوالله ما هو بفاعل ، فقال ربيعة : ما منعك هذا إلا نفاسة علينا ، فوالله لقد نلت صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما نفسناه عليك ، قال علي : أنا أبو [ ص: 378 ] حسين أرسلاهما ، فانطلقا ، واضطجع ، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر سبقناه إلى الحجر ، فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ، فقال : " أخرجا ما تصرران " ، ثم دخل ودخلنا عليه ، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش ، فتواكلنا الكلام ، ثم تكلم أحدنا ، فقال : يا رسول الله ، أنت أبر الناس وأوصل الناس ، وقد بلغنا النكاح ، وقد جئناك لتؤمرنا على بعض الصدقات ، فنؤدي كما يؤدون ، ونصيب كما يصيبون .

                  فسكت حتى أردنا أن نكلمه ، وجعلت زينب تلمع إلينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه ، فقال : " إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد صلى الله عليه وسلم ، إنما هي أوساخ الناس " ، ادع لي محمية ، وكان على الخمس ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فجاءاه ، فقال لمحمية : " أنكح هذا الغلام من ابنتك للفضل بن العباس " ، فأنكحه وقال لنوفل : " أنكح هذا الغلام " ، فأنكحني ، وقال لمحمية: " أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا " .


                  790 - حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال حدثنا سعيد بن داود بن أبي زبير ، قال : حدثنا مالك ، عن شهاب حدثه ، أن عبد الله بن ربيعة حدثه ، ثم ذكر مثل حديث ابن أبي داود سواء .

                  791 - حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زياد .

                  وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، عن شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فأدخلها في فيه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " كخ كخ ، ألقها ألقها ، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة " .

                  792 - حدثنا أبو بكرة ، وإبراهيم بن مرزوق جميعا ، قالا : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول في الإبل السائمة : " في كل أربعين ابنة لبون ، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ، [ ص: 379 ] ومن منعها فإنا آخذوها منه ، وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا ، لا يحل لأحد منا منها شيء " .

                  793 - حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة ، قال : حدثنا علي بن عبد الحكيم الأزدي ، وحدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : حدثنا شريك ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، قال : دخلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بيت الصدقة ، فتناول الحسن تمرة ، فأخرجها من فيه ، فقال : " إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ، ولا نأكل الصدقة " كذا لفظ علي بن عبد الرحمن .

                  وأما لفظ فهد ، فإنه قال : " إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة " بلا شك منه فيه .

                  فهذه الآثار قد رويت متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريم الصدقة عليهم ، مع ما روي عنه من قوله صلى الله عليه وسلم في آثار سواها " إنا آل محمد لا نأكل الصدقة " .

                  فاكتفينا بالآثار الأول كراهية أن يتأول متأول أن يزكيهم أكل الصدقة تنزها لا تحريما ، وهي أولى من حديث ابن عباس في صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أرامل بني عبد المطلب الذي رويناه في هذا الباب ، مع أنه قد يحتمل أن يكون أراد بأرامل بني عبد المطلب من نسائهم اللائي لا يرجعن بأنسابهم إلى عبد المطلب ، من الزوجات العربيات ، ومن أمهات الأولاد .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية