الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وأما ما وجب به أن ما بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر من وقتها فإن يونس :

                  298 - حدثنا ، قال : حدثنا عبد الله بن يوسف الدمشقي ، وحدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا شعيب بن الليث ، قالا : حدثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبيد بن جريج ، أنه قال لأبي هريرة - رضي الله عنه - : " ما إفراط صلاة العشاء ؟ قال : طلوع الفجر " .

                  فهذا أبو هريرة يقول هذا . وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الأعمش عن أبي صالح أن وقت العشاء إلى نصف الليل ، فاستحال بذلك أن يزيد في وقتها على ما حكيناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه على ذلك أو بما سواه مما يبيح ذلك له فيه . وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك ما يوافق هذا المعنى .

                  299 - حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن نافع بن جبير ، قال : كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى [ ص: 176 ] الأشعري " وصل العشاء أي الليل شئت ولا تغفلها " .

                  وسأل سائل ، فقال : قد رويتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله ، وأنه صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثليه . ففي هذا ما دل أن وقت الظهر الذي صلاها فيه في اليوم الثاني هو الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول ، فكان ذلك الوقت وقتا لهما جميعا ؟ .

                  فقيل له : ما فيه دليل على ما ذكرت ، لأنه قد يجوز أن يكون على التقريب فيكون صلى العصر في اليوم الأول بعد أن صار الظل مثله ، وصلى الظهر في اليوم الثاني حين قرب أن يصير الظل مثليه ، فجاء بهما جميعا بلفظ واحد أقرب كل واحد منهما من صاحبه ، والعرب تفعل هذا ، قال الله جل ثناؤه : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ) وقال : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) ، فكان الوقت الذي أمر فيه - عز وجل - بالإمساك بالمعروف والتسريح بخلاف الوقت الذي أمر فيه بترك العضل لهن عن النكاح ، وقد جاء بهما بلفظ واحد ، والمراد في الحقيقة في كل واحد منهما غير المراد في الآخر منهما .

                  فكذلك ما ذكرنا من الوقت الذي صلى فيه عن العصر في اليوم الأول ، والوقت الذي صلى فيه الظهر في اليوم الثاني ، كذلك جاء بهما بلفظ واحد والمراد في كل واحد منهما ما بين هذين وقت . وبقوله : إن للصلاة أولا وآخرا ، ولم يبين لنا - عز وجل - عدد ما في كل صلاة منهن من ركعة ، ثم بينه لنا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                  300 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن صفوان بن سليم ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : " فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين ، فأقرت في السفر ، وزيد في صلاة الحضر " .

                  301 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، قال : حدثنا مالك ، فذكره بإسناده مثله [ ص: 177 ] .

                  302 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو عمر الحوضي ، قال : حدثنا رجاء بن رجاء ، قال : حدثنا داود ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : " إن أول ما فرضت الصلاة فرضت ركعتين ركعتين " ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها غير المغرب ، فإنها وتر ، وغير صلاة الصبح لطول قراءتها والله أعلم " .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية