الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد روي عن جابر - رضي الله عنه - ، أنه شهد صلاة الخوف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع ، وأنه صلاها بهم على غير ما روي في ذلك ، عن صالح بن خوات بن جبير وذلك أن ابن أبي داود :

                  374 - حدثنا ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة المنقري ، قال : حدثنا أبان بن يزيد العطار ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع فأقيمت الصلاة ، " فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطائفة ركعتين وتأخروا ، وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالطائفة الأخرى " ، وكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات وللقوم ركعتان [ ص: 201 ] .

                  فقد عارض هذا الحديث الذي روينا عن جابر في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس صلاة الخوف يوم ذات الرقاع ما روي فيه عن صالح بن خوات ، ووجدنا حكم سائر الصلوات أن المأمومون لا يتقدمون الإمام فيها نقصا ولا غيره ، وأنهم إنما يقضون ما يجب عليهم قضاؤه منها بعد خروج أئمتهم منها .

                  فإن قال قائل : حديث صالح هذا أولى بصلاة الخوف من الآثار الأول ، لأن في هذا قضاء كل طائفة بقية صلاتها قبل انصرافها عن القبلة ، وفي الآثار التي قبلها انصراف الطائفة الأولى من الصلاة ، وتحويل وجوههم عن القبلة قبل فراغ الصلاة ، وهذا فليس للمأمومين فعله .

                  قيل له : إنما يمنع المأمومون من هذا في الصلاة إذا كان لغير عذر ، فأما إذا كان له عذر فإن تحويلهم وجوههم عن القبلة لذلك العذر غير ضار لهم وغير مخرج لهم من صلاتهم .

                  ألا ترى أن رجلا لو انهزم عن العدو ، وحضرت الصلاة أن له أن يصلي مستدبر القبلة ، وكذلك لو أراد رجل الصلاة أن له أن يصلي مستدبر القبلة وكذلك لو أراد رجل الصلاة ، فقام رجل من العدو على رأسه بسيف يمنعه من استقبال القبلة كان في سعة من استدبار القبلة والصلاة كذلك .

                  فلما كان استدبار القبلة للخوف الذي ذكرنا مباحا في سائر الصلوات كان استدبار القبلة في صلاة الخوف للخوف الذي يخافونه فيها مباحا لهم من أجله استدبار القبلة .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية