الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد روي عن سهل في الخرص ما :

                  723 - حدثنا علي بن شيبة ، قال حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرني يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حيان ، أن أبا ميمونة أخبره ، عن سهل ، أن مروان بعثه خارصا ، فخرص مال سعد بن أبي سعد بسبع مائة وسق ، فقال : " لولا أني وجدت فيه أربعين عريشا لخرصته بتسع مائة وسق ، ولكني تركت لهم بقدر ما يأكلون " .

                  وقد روي ، عن سهل ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى ما :

                  724 - حدثنا جعفر بن سليمان الهاشمي ، ثم النوفلي ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر ، قال : حدثنا محمد بن صدقة الفدكي ، عن محمد بن يحيى بن سهل بن أبي خيثمة الحارثي ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا خيثمة خارصا ، فجاءه رجل ، فقال : يا رسول الله ، إن أبا خيثمة قد زاد علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ابن عمك يزعم أنك قد زدت عليه " فقال : يا رسول الله ، تركت له قدر عرية أهله ، وما يطعم المساكين ، وما تصيب الريح ، فقال : " قد زادك ابن عمك وأنصفك " .

                  وأما ما رويناه عن أبي حميد من خرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المرأة حديقتها ، ومن أمره إياها بإحصائها إلى أن يرجع إليها ، ففي ذلك دليل أنه لم يملكها مال الله - عز وجل - فيها بخرصه إياها عليها ، لأنه لو كان قد ملكها ذلك ما احتاج إلى إحصائها ، ولكنه احتاج منها إلى إحصائها ما فيها ، لأنه أمين عليها وعلى ما لله - عز وجل - فيها ، فأمرها بإحصاء ما فيها ليأخذ منها حق الله - عز وجل - على ما يتحققه منها ويسلم لها حقها بملكها [ ص: 350 ] .

                  ولما كان يرجع في الواجب لله - عز وجل - فيها إلى ما يحصى منها بعد الخرص ، وعقلنا أن الثمرة لا بد من سقوط بعضها بهبوب الرياح وجب أن لا يكون ذلك محسوبا على أهلها ، ووجب أن يكون مرفوعا عنهم منها كما كان رفعه أبو خيثمة في خرصه على ابن عمه ، وأمضاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما في حديث محمد بن صدقة الفدكي الذي رويناه .

                  ولما كان أهل الحوائط مأمورين بالصدقة بعد الخرص من ثمارهم على المساكين ، غير ممنوعين من ذلك بالخرص ، وكان ما يأخذه المساكين منها على سبيل الصدقة منصرفا في وجه الصدقة التي تؤخذ الزكاة من أهلها ، كان ذلك محطوطا عن أهل الحوائط من ثمارهم مرفوعا عنهم منها ، كما حطه أبو خيثمة في خرصه على ابن عمه ، ورفعه عنه من ثمرة حائطه وأمضاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما ذكرنا في حديث الفدكي .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية