الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  فأما من كان ترجى له القوة على الصيام في المستأنف ، فإنه لم يكن عنده كذلك ، والمرأة الحامل أو المرضع ، إذا أفطرت فهي ممن لم تؤنس لها من القدرة على القضاء في المستأنف ، فهي ممن لا تؤمر بالإطعام الذي يكون بدلا من الصيام حتى يسقط عنها فرض الصيام .

                  ومما يدل على صحته مما ذكرنا ، عن سعيد مما خالفه فيه هشام أن أحمد بن الحسن [ ص: 422 ] .

                  917 - قد حدثنا ، قال : حدثنا أسباط بن محمد الهرسي ، قال : حدثنا عبد الملك ، عن عطاء ، وسعيد بن جبير ، في قول الله - عز وجل - : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) ، قال : " هو الشيخ الكبير لا يستطيع الصوم ، يتصدق كل يوم على مسكين " .

                  فهذا سعيد إنما قصد بالطاقة في ذلك الطاقة التي معها المشقة والجهد ، اللذان يجب لمن به ، لأنه حكم العجز ، وذكر ذلك في الشيخ الكبير الذي لا ترجى له طاقة في المستأنف على الصيام . فدل ذلك أن ما رواه ، عن ابن عباس كذلك أيضا .

                  وقد روي ، عن ابن عباس من طريق ابن جبير ما يدل على ما رواه سعيد بن أبي عروبة .

                  918 - حدثنا إبراهيم بن سعد ، قال : حدثنا إدريس بن يحيى ، عن بكر بن رمضان ، قال : حدثنا عمر بن الحارث ، عن بكير بن الأشج ، أن كريبا حدثه ، أن ابن عباس ، قال : " يفتدي الكبير إذا لم يكن يطيق الصيام بذلك " .

                  كذلك أن الكبير الذي لا يطيق الصيام قد دخل عند ابن عباس في المأمورين بالإطعام في هذه الآية ما يثبته المقتدون لمذهب ابن عباس فيما اختلف فيه سعيد ، وهشام ، عن قتادة ما رواه سعيد عنه ، لا ما رواه هشام ، وقد روي عن أنس ، وقيس بن السائب صاحبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهما افتديا بالإطعام من الصوم لما ضعفا عنه كما :

                  919 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثنا أبي ، عن قتادة ، عن أنس : " أنه ضعف عن الصوم سنة قبل موته فأفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا " .

                  920 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا سعيد بن عامر السبيعي ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس : أن أنسا كان يطعم كل يوم مسكينا حين ضعف عن الصوم " .

                  921 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن قيس بن السائب ، قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لي شريكا ، فخير شريك لا يماري ينظر ولا يداري ، وكان قيس قد كبر ، فكان يطعم عن نفسه لكل إنسان في شهر رمضان في كل يوم مدين ، فأطعموا عني صاعا " [ ص: 423 ] .

                  قال أبو جعفر رحمه الله : يداري يعني الكلام المذموم ، يقال : أيداري علي إذا أغلظ له ، وقيس مولى مجاهد فدل ما ذكرنا فيما تقدم أن الإطعام المذكور في الآية التي تلونا ثابت حكمه غير منسوخ ، وأنه أريد به العاجزون عن الصوم الذين لا يرجى لهم عليه طاقة في المستأنف كما ذكرنا .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية