الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  قال محمد رحمه الله : وهو قولنا : ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيه ، فكان الفقير الذي تحل له به الصدقة لا يخلو من أحد وجهين ، إما أن تكون به الضرورة إليها كالضرورة إلى الميتة ، فيكون الذي يحل منها للمضطر إليها ما يذهب به عنه خوف تلف نفسه ، أو يكون لعدم ملك مقدار من المال ، فرأيناهم جميعا لا يختلفون أن من كان يملك دون ما يغدي أهله أو يعشيهم أنه لا يخرج بذلك من الفقراء حتى تحرم عليه الصدقة التي تحل للفقراء .

                  فعقلنا بذلك أن الذي يحل من الصدقة للمضطر إليها ليس مثل الذي يحل لمضطر إلى الميتة منها للضرورة إليها ، وأنه إنما جعل لعدم مقدار من المال فنظرنا في ذلك فوجدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد روي عنه ما :

                  749 - حدثنا بحر بن نصر ، عن شعيب بن الليث ، عن أبيه ، عن سعيد بن أبي سعيد [ ص: 360 ] المقبري ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، أنه سمع أنس بن مالك ، يقول : " بينما نحن في المسجد دخل رجل على جمل ، فأناخه في المسجد ، ثم عقله ، ثم قال : أيكم محمد صلى الله عليه وسلم ؟ ، فقلنا : هذا الرجل المتكئ ، فقال له : يا ابن عبد المطلب ، آلله - عز وجل - أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم نعم " .

                  750 - حدثنا يحيى ، قال : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : حدثنا زكريا بن إسحاق ، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي ، عن أبي معبد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : " إنك ستأتي قوما أهل كتاب ، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإن أطاعوا لك فأخبرهم أن الله - عز وجل - فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله - عز وجل - قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله - عز وجل - حجاب " .

                  751 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا خالد بن أبي يزيد القطريلي ، قال : حدثنا إسماعيل بن زكرياء ، عن الأعمش ، عن ابن أبي جحيفة ، عن أبيه ، قال : " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعيا على الصدقة فأمره أن يأخذ الصدقة من أغنيائنا فيقسمها في فقرائنا ، وكنت غلاما بينهم ، فأعطاني منها قلوصا " هكذا حدثناه أبو أمية .

                  752 - وقد حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا خالد بن أبي يزيد ، قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا يعني : الحلقاني ، عن الأشعث ، عن ابن أبي جحيفة ، عن أبيه ، فذكر مثله [ ص: 361 ] .

                  فعقلنا بذلك أن من ملك الخمس الأواقي الذي عليه فيها الصدقة غني ، وأن الذي لا يملكها غير غني ، وأن الذي لا يملكها فلا تؤخذ منه الصدقة ، وهو الذي تعطى له الصدقة كما قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية