الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  قال أحمد : أفلا ترون أن الصوم الذي كان كتب عليهم لم يكن لهم أن يبدلوه بطعام ، ولا بما سواه . فدل ذلك على أن الذي كتب علينا من ذلك على مثل الذي كان كتب عليهم منه فإن أفطرت حبلى ، أو مرضع في موضع الرخصة لهما في الإفطار ، ثم أطاقتا الصوم بعد ذلك ، فإن أهل العلم اختلفوا في ذلك ، فقالت طائفة منهم : عليهما الإطعام المذكور في الآية ولا قضاء عليهما فيما أفطرتاه .

                  وقد روي ذلك عن ابن عباس ، وابن عمر .

                  914 - حدثنا أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : حدثنا ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن سعيد بن جبير ، أن ابن عباس ، قال لأم ولد له حامل أو مرضع : " أنت بمنزلة الذين لا يطيقونه ، عليك أن تطعمي مكان كل يوم مسكينا ، ولا قضاء عليك " . [ ص: 421 ]

                  915 - حدثنا أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : أخبرني ابن أبي عروبة ، عن علي بن ثابت ، عن نافع ، عن ابن عمر مثل قول ابن عباس هذا .

                  فهكذا هذان الحديثان من حديث ابن أبي عروبة فيما تقدم من هذا الباب حديث يزيد بن سنان ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، أنه كان له جارية ترضع فجهدت ، فقال لها : " أفطري ، فإنك بمنزلة ( الذين يطيقونه ) على إثبات الطاقة .

                  فهذا خلاف ما روى سعيد ، عن قتادة ، عن عزرة ، لأن سعيدا رواه على نفي الطاقة ورواه هشام على إثباتها ، وكلاهما فجائز في المعنى ، فأما من رواه كما ذكرنا عن سعيد ، فعلى قراءة من قرأ : وعلى الذين يطوقونه أي : يطوقونه ولا يطيقونه .

                  وأما من رواه كما ذكرناه عن هشام فعلى قراءة من قرأ : ( وعلى الذين يطيقونه ) أي : يطيقونه بمشقة وجهد والقراءتان جميعا قد رويناهما عن ابن عباس ، والله أعلم بالصحيح فيما اختلف فيه سعيد ، وهشام مما رويناه عنهما ، والأشبه بمذهب ابن عباس في هذا هو ما رواه سعيد ، لأن إبراهيم بن مرزوق .

                  916 - حدثنا ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وعطاء ، عن ابن عباس " ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) واحد ، ( فمن تطوع خيرا ) فزاد مسكينا آخر ( فهو خير له وأن تصوموا خير لكم ) ، لا يرخص إلا للكبير الذي لا يطيق الصوم ، أو للمريض الذي لا يعلم أنه لا يشفى " .

                  أفلا ترى أن ابن عباس قد أخبر في هذا الحديث أن المرخص له في الإطعام ، وترك الصيام هو الذي لا ترجى له القوة على الصيام في المستأنف .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية