الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  [ ص: 109 ] وقد روي عن عبد الله بن عباس خلافهم في ذلك وإباحته للجنب التيمم وإباحته لمن لا ماء معه إتيان أهله .

                  ولما اختلفوا في ذلك نظرنا هل في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على ما اختلفوا فيه من ذلك ؟ فوجدنا محمد بن خزيمة قد .

                  120 - حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن عمرو بن بجدان ، عن أبي ذر ، قال : قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - غنيمة من غنم الصدقة ، فقال لي : " يا أبا ذر ، ابد فيها وكنت تصيبني الجنابة ، فأمكث الخمس أو الست ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا لي بعس من ماء فاستترت بالراحلة فاغتسلت ، فكأني ألقيت عني جبلا ، فقال : " يا أبا ذر ، إن الصعيد الطيب وضوء ولو إلى عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك فإن ذلك خير لك " .

                  121 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري ، قال : حدثنا خالد ، ثم ذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : " غنم " ، ولم يقل : " من الصدقة " ، وغير أنه قال : " الصعيد الطيب وضوء المسلم .

                  122 - حدثنا إسماعيل بن حمدويه السكندري ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا بريك بن زريع ، قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن عمرو بن بجدان ، قال : سمعت أبا ذر ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك فإنه خير لك " .

                  123 - حدثنا أبو بكرة ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، قال : حدثنا عباد بن ميسرة المنقري ، قال : سمعت أبا رجاء العطاردي ، قال : حدثنا عمران بن حصين ، قال : " أسرى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنمنا فلم نستيقظ إلا بحر الشمس ، فاستيقظ منا ستة وقد نسيت أسماءهم ، ثم استيقظ أبو بكر - رضي الله عنه - ، فجعل يمنعهم أن يوقظوه ، ويقول : لعل الله - عز وجل - أن يكون احتبسه في حاجته ، فجعل أبو بكر يكبر حتى استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، ذهبت صلاتنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم تذهب صلاتكم ، ارتحلوا من هذا المكان ، فسار قريبا ، ثم [ ص: 110 ] نزل فصلى ، ثم قال : أما إن الله - عز وجل - قد أتم صلاتكم " فقالوا : يا رسول الله ، إن فلانا لم يصل معنا فقال : " ما منعك أن تصلي ؟ " فقال : يا رسول الله ، أصابتني جنابة فقال : " تيمم بالصعيد فصل ، فإذا قدرت على الماء فاغتسل " .

                  ففي هذه الآثار إباحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للجنب الذي لا يجد الماء التيمم ، وإقامته في الطهارة للجنابة كهو للطهارة من الأحداث سواها ، وهذا قول مالك ، وأبي حنيفة ، والثوري ، وزفر ، وأبي يوسف ، ومحمد ، والشافعي .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية