الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  فأما أبو حنيفة وزفر ، ومحمد ، فكانوا يذهبون في صلاة الخوف إلى مثل ما رويناه فيها عن عبد الله بن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسواء عندهم كان العدو في القبلة أو فيما سواها ، غير أنهم كانوا يقولون : إن الإمام إذا فرغ من الصلاة انصرفت الطائفة الثانية قبل أن تقضي حتى تقوم بإزاء العدو ، ثم تأتي الطائفة الأولى فيقضون [ ص: 204 ] الركعة الأولى وحدانا بغير قراءة ، ثم تنصرف الطائفة الأولى فتقوم بإزاء العدو ، وتأتي الطائفة الثانية فيقضون الركعة الثانية وحدانا بقراءة .

                  وحديث ابن عمر عندنا فهذا معناه ، وإن كان غير منصوص فيه تقديم قضاء إحدى الطائفتين قبل الأخرى ، لأن كل واحدة من الطائفتين محتاجة إلى الحراسة من صاحبتها في الركعة التي تقضيها كصاحبتها إليها في الركعة التي صلتها مع الإمام .

                  حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا أبي ، عن محمد ، عن أبي حنيفة ، وعن أبيه ، عن محمد بما ذكرناه عنهما في هذا الكتاب .

                  وقد روي عن ابن مسعود في ذلك ما يوافق ما ذهبوا إليه فيه . وذلك أن أبا بكرة :

                  384 - حدثنا ، قال : حدثنا بكر بن بكار العبسي ، قال : حدثنا عبد الملك بن الحسين ، قال حدثنا خصيف ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما صلى صلاة الخوف في حرة بني سليم ، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستقبل القبلة ، وكان العدو في غير القبلة ، " فصف معه صف واحد صف السلاح ، واستقبلوا العدو وكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصف الذي معه ، ثم ركع النبي - صلى الله عليه وسلم - وركع الصف الذي معه .

                  ثم تحول الصف الذين صفوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذوا السلاح وتحول الآخرون فقاموا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وذهب الذين صلوا معه ، وجاء الآخرون فقضوا ركعة ، فلما فرغوا أخذوا السلاح ، وتحول الآخرون وصلوا .

                  فكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتان وللقوم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعة ركعة " .


                  ففي هذا الحديث انصراف الطائفة الثانية قبل قضائها الركعة الأولى ، ومجيء الطائفة الأولى وقضاؤها الركعة الثانية قبل قضاء الطائفة الثانية الركعة التي عليها .

                  وأما أبو يوسف فكان يذهب في صلاة الخوف إذا كان العدو في غير القبلة مذهب أبي حنيفة ، وزفر ، ومحمد الذي حكيناه عنهم . وأما إذا كان العدو في القبلة ، فإنه كان يذهب في ذلك إلى ما رويناه في حديث أبي عياش الزرقي .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية